الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن nindex.php?page=treesubj&link=318_320_317طلب فلم يجد فتيمم - ثم طلع عليه ركب قبل أن يدخل في الصلاة لزمه أن يسألهم عن الماء فإن لم يجد معهم الماء أعاد التيمم لأنه لما توجه الطلب بطل التيمم ) .
( الشرح ) قال أهل اللغة : الركب هم ركبان الإبل العشرة ونحوهم ، وهو مختص بركبان الإبل ، هذا أصله . ومراد أصحابنا بالركب جماعة يجوز أن يكون معهم ماء ، سواء كانوا على دواب أو رجالة . قال أصحابنا : فإذا nindex.php?page=treesubj&link=336_318تيمم بعد الطلب ثم حدث ما يحتمل القدرة على الماء بسببه بطل تيممه ، وإن بان أنه لا قدرة له على الماء ، وذلك بأن رأى جماعة أقبلت أو سحابة أظلت بقربه أو سرابا ظنه ماء أو ماء توهمه طاهرا فكان نجسا ، أو بئرا توهم أن فيها ماء فلم يكن ، أو أنه يمكن نزولها فلم يمكن وما أشبه هذا لأن التيمم يراد لإباحة الصلاة ، فإذا رأى هذه الأشياء توجه الطلب ، وإذا توجه بطل التيمم لأنه خرج عن الإباحة . هذا إذا لم يكن هناك مانع يمنع وجوب الوضوء على تقدير كونه ماء ، فإن كان لم يبطل تيممه ; لأن التيمم يجوز في هذه الحالة ابتداء . قال إمام الحرمين وغيره : ضابط المذهب أن التمكن من استعمال الماء أو توهم التمكن يبطل تيممه ، فلو رأى بئرا فيها ماء ولا يمكنه النزول فيها ولا دلو أو لا حبل معه فإن علم أول ما رآها أنه لا يقدر عليها لم يبطل تيممه وإلا بطل ، ولو طلع عليه جماعة عراة لم يبطل تيممه ، ولو رأى ماء وسبعا أو عدوا يمنعه منه فإن رأى الماء أولا ثم رأى المانع بطل تيممه وإن رأى المانع أولا أو رآهما معا لم يبطل : قال أصحابنا : ولو سمع بعد التيمم رجلا يقول : معي ماء ، بطل تيممه وإن بان كاذبا ، ولو سمعه يقول : أودعني فلان ماء أو غصبت من فلان ماء لم يبطل تيممه إن كان فلان غائبا ، فإن كان حاضرا بطل لإمكان طلبه منه ، ولو [ ص: 300 ] قال . معي ماء أودعنيه فلان أو غصبته من فلان بطل تيممه على المذهب ، وبه قطع الجمهور ، ونقله المتولي عن الأصحاب لأنه أطمعه في الماء بتقديم ذكره ، وفيه احتمال للقاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين أنه لا يبطل على قولنا : لا يتبعض الإقرار ، وضعفه البغوي والشاشي وغيرهما .
قال الشاشي في المعتمد : لأنه لا فرق في الإقرار بين قوله : له علي ألف ثمن خمر ، وقوله : له علي من ثمن خمر ألف ، في أن الجميع على قولين لأنه وصل إقراره بما يبطله ، سواء تقدم ذكر الخمر أو تأخر . وهنا المؤثر في التيمم توجه الطلب ، ثم إن جاز أن يخرج قولا إلى التيمم من الإقرار لم لا يجوز أن يخرج في قوله : عندي ماء أودعنيه فلان قولا أنه لا يبطل ؟ لأنه لما وصله بآخر كلامه بان أنه لا يقدر عليه ، وقد وافق nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي في بطلان تيممه في هذه الصورة والله أعلم . وأما قول المصنف : " فإن لم يجد معهم الماء أعاد الطلب " فقد سبق بيان الخلاف فيه ، وأنه إذا قلنا بوجوب الطلب كان أخف من الطلب الأول والله أعلم .