واختلف أهل العلم في معناها ، فحملها قوم على ظواهرها ; وقالوا : يتصرف الله في خلقه بما شاء ، وأيدوا ذلك بما روى أبو موسى ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ما من ميت يموت ، فيقوم باكيهم فيقول : واجبلاه ، واسنداه ، ونحو ذلك ، إلا وكل الله به ملكين يلهزانه : أهكذا كنت ؟ } . قال الترمذي : هذا حديث حسن .
وروى النعمان بن بشير ، قال : أغمي على عبد الله بن رواحة ، فجعلت أخته عمرة تبكي ، وتقول : وا جبلاه ، وا كذا وا كذا . تعدد عليه . فقال حين أفاق : ما قلت لي شيئا إلا قيل لي : أنت كذلك ؟ فلما مات لم تبك عليه . أخرجه البخاري . وأنكرت عائشة ، رضي الله عنها حملها على ظاهرها ، ووافقها ابن عباس ، قال ابن عباس : ذكرت ذلك لعائشة فقالت : يرحم الله عمر ، والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه } . ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه } . وقالت : حسبكم القرآن : { ولا تزر وازرة وزر أخرى } . قال ابن عباس عند ذلك : والله أضحك وأبكى . وذكر ذلك ابن عباس لابن عمر حين روى حديثه ، فما قال شيئا . رواه مسلم .
وحمله قوم على من كان النوح سنته ، ولم ينه أهله ; لقول الله تعالى : { قوا أنفسكم وأهليكم نارا } . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { كلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته } .
وحمله آخرون على من أوصى بذلك في حياته ، كقول طرفة :
إذا مت فانعيني بما أنا أهله وشقي علي الجيب يا ابنة معبد
وقال آخر :من كان من أمهاتي باكيا أبدا فاليوم إني أراني اليوم مقبوضا
يسمعننيه فإني غير سامعه إذا جعلت على الأعناق معروضا


