( 213 ) مسألة : قال : هذا الصحيح من المذهب ، وهو قول أكثر أهل العلم . وفيه رواية أخرى ، لا يجزئ إلا الأحجار . اختارها والخشب والخرق وكل ما أنقي به فهو كالأحجار أبو بكر وهو مذهب لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالأحجار ، وأمره يقتضي الوجوب ; ولأنه موضع رخصة ورد الشرع فيها بآلة مخصوصة ، فوجب الاقتصار عليها ، كالتراب في التيمم . [ ص: 104 ] ولنا ما روى داود أبو داود ، عن خزيمة ، قال : { } فلولا أنه أراد الحجر وما في معناه لم يستثن منها الرجيع ; لأنه لا يحتاج إلى ذكره ، ولم يكن لتخصيص الرجيع بالذكر معنى . سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستطابة ، فقال : بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع .
وفي حديث سلمان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم { } رواه إنه لينهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار ، وأن نستجمر برجيع أو عظم . وتخصيص هذين بالنهي عنهما يدل على أنه أراد الحجارة ، وما قام مقامها . وروى مسلم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { طاوس ، } . رواه إذا أتى أحدكم البراز فلينزه قبلة الله ، ولا يستقبلها ولا يستدبرها ، وليستطب بثلاثة أحجار ، أو ثلاثة أعواد ، أو ثلاث حثيات من تراب وقال : وقد روي عن الدارقطني ، مرفوعا ، والصحيح أنه مرسل ورواه ابن عباس سعيد في سننه موقوفا على طاوس .
ولأنه متى ورد النص بشيء لمعنى معقول ، وجب تعديته إلى ما وجد فيه المعنى ، والمعنى هاهنا إزالة عين النجاسة ، وهذا يحصل بغير الأحجار ، كحصوله بها ، وبهذا يخرج التيمم ; فإنه غير معقول ، ولا بد أن يكون ما يستجمر به منقيا ; لأن الإنقاء مشترط في الاستجمار ، فأما الزلج كالزجاج والفحم الرخو وشبههما مما لا ينقي ، فلا يجزئ ; لأنه لا يحصل منه المقصود .
ويشترط كونه طاهرا ، فإن كان نجسا لم يجزه ، وبهذا قال وقال الشافعي يجزئه ; لأنه يجفف كالطاهر . ولنا { أبو حنيفة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بحجرين وروثة يستجمر بها ، فأخذ الحجرين وألقى الروثة ، وقال : هذه ركس ابن مسعود } . رواه أن وفي لفظ رواه البخاري ، الترمذي ، قال : إنها ركس .
يعني نجسا ، وهذا تعليل من النبي صلى الله عليه وسلم . يجب المصير إليه ; ولأنه إزالة نجاسة ، فلا يحصل بالنجاسة كالغسل ، فإن استنجى بنجس احتمل أن لا يجزئه الاستجمار بعده ; لأن المحل تنجس بنجاسة من غير المخرج ، فلم يجزئ فيها غير الماء ، كما لو تنجس ابتداء ، ويحتمل أن يجزئه ; لأن هذه النجاسة تابعة لنجاسة المحل ، فزالت بزوالها .