( 5211 ) فصل : في المجنونة ، ، جاز تزويجها لمن يملك إجبارها ; لأنه إذا ملك إجبارها مع عقلها وامتناعها ، فمع عدمه أولى . إن كانت ممن تجبر لو كانت عاقلة ، انقسمت ثلاثة أقسام ; أحدها ، أن يكون وليها الأب أو وصيه ، كالثيب الكبيرة ، فهذه يجوز لوليها تزويجها . ذكره وإن كانت ممن لا تجبر . وهو ظاهر كلام القاضي ; لأنه جعل للأب تزويج المعتوه ، فالمرأة أولى . وهذا قول الخرقي ، الشافعي . ومنع منه وأبي حنيفة أبو بكر ; لأنها ولاية إجبار ، وليس على الثيب ولاية إجبار
والأول أصح ; فإن ولاية الإجبار إنما انتفت عن العاقلة لرأيها ، لحصول المباشرة منها والخبرة ، وهذه بخلاف ذلك . وكذلك الحكم في الثيب الصغيرة ، إذا قلنا بعدم الإجبار في حقها ، إذا كانت عاقلة . القسم الثاني ، أن يكون وليها الحاكم ، ففيها وجهان ; أحدهما ، ليس له تزويجها بحال ; لأن هذه ولاية إجبار ، فلا تثبت لغير الأب ، كحال عقلها . والثاني ، له تزويجها إذا ظهر منها شهوة الرجال ، كبيرة كانت أو صغيرة . وهو اختيار ابن حامد ، ، وقول وأبي الخطاب ; لأن بها حاجة إليه لدفع ضرر الشهوة عنها ، وصيانتها عن الفجور ، وتحصيل المهر والنفقة ، والعفاف ، وصيانة العرض ، ولا سبيل إلى إذنها ، فأبيح تزويجها كالثيب مع أبيها أبي حنيفة
[ ص: 37 ] وكذلك ينبغي أن يملك تزويجها إن قال أهل الطب : إن علتها تزول بتزويجها ; لأن ذلك من أعظم مصالحها . وقال : لا يملك تزويج صغيرة بحال ، ويملك تزويج الكبيرة إذا قال أهل الطب إن علتها تزول بتزويجها . ولنا ، أن المعنى المبيح للتزويج وجد في حق الصغيرة ، فأبيح تزويجها ، كالكبيرة إذا ظهرت منها شهوة الرجال ، ففي تزويجها مصلحتها ودفع حاجتها ، فأشبه ما لو قال أهل الطب إنه يزيل علتها . وتعرف شهوتها من كلامها ، وقرائن أحوالها ، كتتبعها للرجال ، وميلها إليهم ، وأشباه ذلك الشافعي
القسم الثالث ، من وليها غير الأب والحاكم . فقال : لا يزوجها إلا الحاكم ، فيكون حكمها حكم القسم الثاني ، على ما بيناه . وقال القاضي : لهم تزويجها في الحال التي يملك الحاكم تزويج موليته فيها . وهذا قول أبو الخطاب ; لأن ولايتهم مقدمة على ولاية الحاكم ، فقدموا عليه في التزويج ، كما لو كانت عاقلة . ووجه قول أبي حنيفة ، أن الحاكم هو الناظر لها في مالها دونهم ، فيكون وليا دونهم ، كتزويج أمتها ، ولأن هذا دفع حاجة ظاهرة ، فكانت إلى الحاكم ، كدفع حاجة الجوع والعري . فإن كان لها وصي في مالها ، لم يملك تزويجها ; لأنه لا ولاية له في نكاحها . والحكم في تزويجها حكم من وليها غير الأب والحاكم ، على ما ذكرنا . القاضي