( 5223 ) فصل : في ; أحدها ، أن لوليه تزويجه ، إذا علم حاجته إلى النكاح ; لأنه نصب لمصالحه ، وهذا من مصالحه ، لأنه يصون به دينه وعرضه ونفسه ، فإنه ربما تعرض بترك التزويج للإثم بالزنا ، والحد ، وهتك العرض ، وسواء علم بحاجته بقوله أو بغير قوله ، وسواء كانت حاجته إلى الاستمتاع أو إلى الخدمة ، فيزوجه امرأة لتحل له ; لأنه يحتاج إلى الخلوة بها . وإن لم يكن به حاجة إليه ، لم يجز تزويجه ; لأنه يلزمه بالنكاح حقوقا ; من المهر ، والنفقة ، والعشرة ، والمبيت ، والسكنى ، فيكون تضييعا لماله ونفسه في غير فائدة ، فلم يجز ، كتبذير ماله المحجور عليه للسفه والكلام في نكاحه في ثلاثة أحوال
وإذا أراد تزويجه ، استأذنه في تزويجه ، فإن زوجه بغير إذنه ، فقال أصحابنا : يصح ; لأنه عقد معاوضة ، فملكه الولي في حق المولى عليه ، كالبيع ، ولأنه محجور عليه ، أشبه الصغير والمجنون ، ويحتمل أن لا يملك تزويجه بغير إذنه ; لأنه يملك الطلاق فلم يجبر على النكاح ، كالرشيد والعبد الكبير ; وذلك لأن إجباره على النكاح مع ملك الطلاق ، مجرد إضرار ، فإنه يطلق فيلزمه الصداق مع فوات النكاح ، ولأنه قد يكون له غرض في امرأة ، ولا يكون له في أخرى ، فإذا أجبر على من يكرهها ، لم تحصل له المصلحة منها ، وفات عليه غرضه من الأخرى ، فيحصل مجرد ضرر مستغنى عنه .
وإنما جاز ذلك في حق المجنون والطفل ، لعدم إمكان الوصول إلى ذلك من قولهما ، ولم يتعذر ذلك هاهنا ، فوجب أن لا يفوت ذلك عليه ، كالرشيد . [ ص: 41 ] الحال الثاني ، أن للولي أن يأذن له في التزويج في الحالة التي للولي تزويجه فيها ، وهي حالة الحاجة ; لأنه من أهل النكاح ، فإنه عاقل مكلف ، ولذلك يملك الطلاق والخلع ، فجاز أن يفوض إليه ذلك ، ثم هو مخير بين أن يعين له المرأة ، أو يأذن له مطلقا . وقال بعض الشافعية : يحتاج إلى التعيين له ; لئلا يتزوج شريفة يكثر مهرها ونفقتها ، فيتضرر بذلك . ولنا ، أنه أذن في النكاح ، فجاز من غير تعيين ، كالإذن للعبد ، وبهذا يبطل ما ذكروه .
ولا يتزوج إلا بمهر المثل ، فإن زاد على مهر المثل ، بطلت الزيادة ; لأنها محاباة بماله ، وهو لا يملكها . وإن نقص عن مهر المثل ، جاز ; لأنه ربح من غير خسران . الحال الثالث ، إذا تزوج بغير إذن . فقال أبو بكر : يصح النكاح ، أومأ إليه ، قال أحمد : يعني إذا كان محتاجا ، فإن عدمت الحاجة لم يجز ; لأنه إتلاف لماله في غير فائدة . وقال أصحاب القاضي : إن أمكنه استئذان وليه ، لم يصح إلا بإذنه ; لأنه محجور عليه ، فلم يصح منه التصرف بغير إذنه ، كالعبد ، وإن طلب منه النكاح ، فأبى أن يزوجه ، ففيه وجهان . ولنا ، أنه إذا احتاج إلى النكاح ، فحقه متعين فيه ، فصح استيفاؤه بنفسه ، كما لو استوفى دينه الحال عند امتناع وليه من استيفائه ، فأما إن تزوج من غير حاجة ، لم يصح ، فإن وطئ الزوجة ، فعليه مهر المثل ; لأنه أتلف بضعها بشبهة ، فلزمه عوض ما أتلف ، كما لو أتلف مالها . الشافعي