[ ص: 251 ] فصل : ومن فاتته صلوات استحب له أن يؤذن للأولى ، ثم يقيم لكل صلاة إقامة  ، وإن لم يؤذن فلا بأس . قال  الأثرم    ; سمعت  أبا عبد الله  يسأل عن رجل يقضي صلاة ، كيف يصنع في الأذان ؟ فذكر حديث  هشيم  ، عن  أبي الزبير  ، عن  نافع بن جبير  ، عن  أبي عبيدة بن عبد الله  ، عن أبيه { أن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق  ، حتى ذهب من الليل ما شاء الله ، قال : فأمر  بلالا  فأذن وأقام ، وصلى الظهر ، ثم أمره فأقام ، فصلى العصر ، ثم أمره فأقام ، فصلى المغرب ، ثم أمره فأقام ، فصلى العشاء   } قال  أبو عبد الله   وهشام الدستوائي  لم يقل كما قال  هشيم  ، جعلها إقامة إقامة . 
قلت فكأنك تختار حديث  هشيم  ؟ قال : نعم هو زيادة ، أي شيء يضره ؟ وهذا في الجماعة . فإن كان يقضي وحده كان استحباب ذلك أدنى في حقه ، لأن الأذان والإقامة للإعلام ، ولا حاجة إلى الإعلام هاهنا ، وقد روي عن  أحمد  في رجل فاتته صلوات فقضاها : ليؤذن ، ويقم مرة واحدة ، يصليها كلها . فسهل في ذلك ، ورآه حسنا . وقال  الشافعي  نحو ذلك ; وله قولان آخران : أحدهما ، أنه يقيم ولا يؤذن . وهذا قول  مالك    ; لما روى  أبو سعيد  قال ; { حبسنا يوم الخندق  عن الصلاة ، حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل ، قال : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم  بلالا  ، فأمره فأقام الظهر ، فصلاها ، ثم أمره ، فأقام العصر ، فصلاها   } . ولأن الأذان للإعلام بالوقت ، وقد فات . والقول الثالث : إن رجي اجتماع الناس أذن ، وإلا فلا ; لأن الأذان مشروع للإعلام ، فلا يشرع إلا مع الحاجة . 
وقال  أبو حنيفة    : يؤذن لكل صلاة ويقيم ; لأن ما سن للصلاة في أدائها سن في قضائها ، كسائر المسنونات . ولنا ، حديث  ابن مسعود  ، رواه  الأثرم  ،  والنسائي  وغيرهما ، وهو متضمن للزيادة ، والزيادة من الثقة مقبولة . وعن  أبي قتادة ،    { أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم فناموا حتى طلعت الشمس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا  بلال  ، قم فأذن الناس بالصلاة   } . متفق عليه ، ورواه  عمران بن حصين  أيضا . قال : { فأمر  بلالا  فأذن ، فصلينا ركعتين ، ثم أمره فأقام فصلينا   } . متفق عليه . ولنا على  أبي حنيفة  حديث  ابن مسعود   وأبي سعيد  ، ولأن الثانية من الفوائت صلاة وقد أذن لما قبلها ، فأشبهت الثانية من المجموعتين ، وقياسهم منتقض بهذا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					