الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5586 ) فصل : إذا أصدقها نخلا حائلا ، فأطلعت ، ثم طلقها قبل الدخول ، فله نصف قيمتها وقت ما أصدقها ، وليس له الرجوع في نصفها ; لأنها زائدة زيادة متصلة ، فأشبهت الجارية إذا سمنت ، وسواء كان الطلع مؤبرا أو غير مؤبر ; لأنه متصل بالأصل ، ولا يجب فصله عنه في هذه الحال ، فأشبه السمن وتعلم الصناعة . فإن بذلت له المرأة الرجوع فيها مع طلعها ، أجبر على ذلك ; لأنها زيادة متصلة لا يجب فصلها .

                                                                                                                                            وإن قال : اقطعي ثمرتك ، حتى أرجع في نصف الأصل . لم يلزمها ، لأن عرف هذه الثمرة أنها لا تؤخذ إلا بالجذاذ ، بدليل البيع ، ولأن حق الزوج انتقل إلى القيمة ، فلم يعد إلى العين إلا برضاها ، فإن قالت المرأة : اترك الرجوع حتى أجذ ثمرتي وترجع في نصف الأصل ، أو ارجع في الأصل وأمهلني حتى أقطع الثمرة . أو قال الزوج : أنا أصبر حتى إذا جذذت ثمرتك رجعت في الأصل ، أو قال : أنا أرجع في الأصل وأصبر حتى تجذي ثمرتك . لم يلزم واحدا منهما قبول قول الآخر ; لأن الحق انتقل إلى القيمة ، فلم يعد إلى العين إلا برضاهما .

                                                                                                                                            ويحتمل أن يلزمها قبول ما عرض عليها ; لأن الضرر عليه فأشبه ما لو بذلت له نصفها مع طلعها ، وكما لو وجد العين ناقصة فرضي بها ، وإن تراضيا على شيء من ذلك ، جاز والحكم في سائر الشجر ، كالحكم في النخل . وإخراج النور في الشجر بمنزلة الطلع الذي لم يؤبر ، وإن كانت أرضا فحرثتها ، فتلك زيادة محضة ، إن بذلتها له بزيادتها ، لزمه قبولها ، كالزيادات المتصلة كلها ، وإن لم تبذلها ، دفعت نصف قيمتها .

                                                                                                                                            وإن زرعتها ، فحكمها حكم النخل إذا أطلعت إلا في موضع واحد ، وهو أنها إذا بذلت نصف الأرض مع نصف الزرع ، لم يلزمه قبوله ، بخلاف الطلع مع النخل ، والفرق بينهما من وجهين : أحدهما : أن الثمرة لا ينقص بها الشجر ، والأرض تنقص بالزرع وتضعف . الثاني : أن الثمرة متولدة من النخل ، فهي تابعة له ، والزرع ملكها أودعته في الأرض ، فلا يجبر على قبوله . وقال القاضي : يجبر على قبوله ، كالطلع سواء . وقد ذكرنا ما يقتضي الفرق .

                                                                                                                                            ومسائل الغراس كمسائل الزرع . فإن طلقها بعد الحصاد ، ولم تكن الأرض زادت ولا نقصت ، رجع في نصفها ، وإن نقصت بالزرع أو زادت به رجع في نصف قيمتها ، إلا أن يرضى بأخذها ناقصة ، أو ترضى هي ببذلها زائدة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية