[ ص: 332 ] فصل : وإن فلا نص فيها . وقال قال لزوجته : إذا طلقتك ، أو إذا وقع عليك طلاقي ، فأنت طالق قبله ثلاثا . : تطلق ثلاثا ; واحدة بالمباشرة ، واثنتان من المعلق . وهو قياس قول القاضي ، وقول بعض أصحابه . وقال الشافعي : تطلق واحدة بالمباشرة ، ويلغو المعلق ; لأنه طلاق في زمن ماض ، فلا يتصور وقوع الطلاق فيه . ابن عقيل
وهو قياس نص أحمد وأبي بكر ، في أن الطلاق لا يقع في زمن ماض ، وبه قال أبو العباس بن القاص من أصحاب . وقال الشافعي أبو العباس بن سريج ، وبعض الشافعية : لا تطلق أبدا ; لأن وقوع الواحدة يقتضي وقوع ثلاث قبلها ، وذلك يمنع وقوعها ، فإثباتها يؤدي إلى نفيها ، فلا تثبت ، ولأن إيقاعها يفضي إلى الدور ; لأنها إذا وقعت وقع قبلها ثلاث ، فيمتنع وقوعها ، وما أفضى إلى الدور وجب قطعه من أصله . ولنا أنه طلاق من مكلف مختار ، في محل لنكاح صحيح ، فيجب أن يقع ، كما لو لم يعقد هذه الصفة ، ولأن عمومات النصوص تقتضي وقوع الطلاق ، مثل قوله سبحانه : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } . وقوله سبحانه : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } .
وكذلك سائر النصوص ، ولأن الله تعالى شرع الطلاق لمصلحة تتعلق به ، وما ذكروه يمنعه بالكلية ، ويبطل شرعيته ، فتفوت مصلحته ، فلا يجوز ذلك بمجرد الرأي والتحكم ، وما ذكروه غير مسلم ; فإنا إن قلنا : لا يقع الطلاق المعلق ، فله وجه ; لأنه أوقعه في زمن ماض ، ولا يمكن وقوعه في الماضي ، فلم يقع ، كما لو قال : أنت طالق قبل قدوم زيد بيوم . فقدم في اليوم ، ولأنه جعل الطلقة الواقعة شرطا لوقوع الثلاث ، ولا يوجد المشروط قبل شرطه ، فعلى هذا لا يمتنع وقوع الطلقة المباشرة ، ولا يفضي إلى دور ولا غيره . وإن قلنا بوقوع الثلاث ، فوجهه أنه وصف الطلاق المعلق بما يستحيل وصفه به ، فلغت الصفة ، ووقع الطلاق ، كما لو قال : أنت طالق طلقة لا تنقص عدد طلاقك ، أو لا تلزمك . أو قال للآيسة : أنت طالق للسنة . أو قال : للبدعة .
وبيان استحالته ، أن تعليقه بالشرط يقتضي وقوعه بعده ; لأن الشرط يتقدم مشروطه ، ولذلك لو أطلق لوقع بعده ، وتعقيبه بالفاء في قوله : فأنت طالق . يقتضي كونه عقيبه ، وكون الطلاق المعلق بعده قبله محال ، لا يصح الوصف به ، فلغت الصفة ، ووقع الطلاق ، كما لو قال : إذا طلقتك فأنت طالق ثلاثا لا تلزمك . ثم يبطل ما ذكروه بقوله : إذا انفسخ نكاحك فأنت طالق قبله ثلاثا . ثم وجد ما يفسخ نكاحها ; من رضاع ، أو ردة ، أو وطء أمها أو ابنتها بشبهة ، فإنه يرد عليه ما ذكروه ، ولا خلاف في انفساخ النكاح . قال : ما ذكروه ذريعة إلى أن لا يقع عليها الطلاق جملة . وإن القاضي . أو قال : أنت طالق ثلاثا قبيل وقوع طلاقي بك واحدة . قال : أنت طالق اليوم ثلاثا إن طلقتك غدا واحدة
فالكلام عليها من وجه آخر ، وهو وارد على المسألتين جميعا ، وذلك أن الطلقة الموقعة يقتضي وقوعها وقوع ما لا يتصور وقوعها معه ، فيجب أن يقضى بوقوع الطلقة الموقعة دون ما تعلق بها ; لأن ما تعلق بها تابع ، ولا يجوز إبطال المتبوع لامتناع حصول التبع ، فيبطل التابع وحده ، كما لو ، فإن سالما يعتق وحده ، ولا يقرع بينهما ; لأن ذلك ربما أدى إلى عتق المشروط دون الشرط ، وذلك غير جائز ، ولا فرق بين أن يقول : فغانم حر قبله ، أو معه أو بعده . أو تطلق . كذا هاهنا . قال في مرضه : إذا أعتقت سالما فغانم حر . ولم يخرج من ثلثه إلا أحدهما