( 5932 ) فصل : اختلف أصحابنا في فقال الحلف بالطلاق ، في " الجامع " ، القاضي : هو تعليقه على شرط ، أي شرط كان ، إلا قوله : إذا شئت فأنت طالق . ونحوه ، فإنه تمليك . وإذا حضت فأنت طالق . فإنه طلاق بدعة . وإذا طهرت فأنت طالق . فإنه طلاق سنة . وهذا قول وأبو الخطاب ; لأن ذلك يسمى حلفا عرفا ، [ ص: 333 ] فيتعلق الحكم به ، كما لو قال : إن دخلت الدار فأنت طالق . ولأن في الشرط معنى القسم ، من حيث كونه جملة غير مستقلة دون الجواب ، فأشبه قوله : والله ، وبالله ، وتالله . أبي حنيفة
وقال في " المجرد " هو تعليقه على شرط يقصد به الحث على الفعل ، أو المنع منه ، كقوله : إن دخلت الدار فأنت طالق ، وإن لم تدخلي فأنت طالق . أو على تصديق خبره ، مثل قوله : أنت طالق لقد قدم زيد أو لم يقدم . فأما التعليق على غير ذلك ، كقوله : أنت طالق إن طلعت الشمس ، أو قدم الحاج ، أو إن لم يقدم السلطان . فهو شرط محض ليس بحلف ; لأن حقيقة الحلف القسم ، وإنما سمي تعليق الطلاق على شرط حلفا تجوزا ، لمشاركته الحلف في المعنى المشهور ، وهو الحث ، أو المنع ، أو تأكيد الخبر ، نحو قوله : والله لأفعلن ، أو لا أفعل ، أو لقد فعلت ، أو لم أفعل . وما لم يوجد فيه هذا المعنى ، لا يصح تسميته حلفا . وهذا مذهب القاضي . فإذا الشافعي . لم تطلق في الحال ، على القول الثاني ; لأنه ليس بحلف ، وتطلق على الأول ; لأنه حلف . وإن قال لزوجته : إذا حلفت بطلاقك فأنت طالق . ثم قال : إذا طلعت الشمس فأنت طالق . طلقت على القولين جميعا ; لأنه علق طلاقها على شرط يمكن فعله وتركه ، فكان حلفا ، كما لو قال : كلما كلمت أباك فأنت طالق . قال : إن دخلت الدار فأنت طالق
وإن ، طلقت واحدة ، ثم كلما أعاده مرة طلقت ، حتى تكمل الثلاث ; لأن كل مرة يوجد بها شرط الطلاق ، وينعقد شرط طلقة أخرى . وبهذا قال قال : إن حلفت بطلاقك فأنت طالق . ثم أعاد ذلك ، وأصحاب الرأي . وقال الشافعي : ليس ذلك بحلف ، ولا يقع الطلاق بتكراره ; لأنه تكرار للكلام ، فيكون تأكيدا لاحقا . ولنا ، أنه تعليق للطلاق على شرط يمكن فعله وتركه ، فكان حلفا ، كما لو قال : إن دخلت الدار فأنت طالق . وقوله : إنه تكرار للكلام . حجة عليه ، فإن تكرار الشيء عبارة عن وجوده مرة أخرى ، فإذا كان في الأول حلفا ، فوجد مرة أخرى ، فقد وجد الحلف مرة أخرى ، وأما التأكيد فإنما يحمل عليه الكلام المكرر إذا قصده ، وها هنا إن قصد إفهامها ، لم يقع بالثاني شيء ، كما لو قال : أنت طالق أنت طالق . يعني بالثانية إفهامها ، فأما إن كرر ذلك لغير مدخول بها ، بانت بطلقة ، ولم يقع أكثر منها ، فإذا قال لها ذلك ثلاثا ، بانت بالمرة الثانية ، ولم تطلق بالثالثة ، فإن جدد نكاحها ، ثم أعاد ذلك لها ، أو قال لها : إن تكلمت فأنت طالق ، أو نحو ذلك ، لم تطلق بذلك ; لأن شرط طلاقها إنما كان بعد بينونتها . أبو ثور