الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5940 ) فصل : وإن كان له ثلاث نسوة ، فقال : إن طلقت زينب فعمرة طالق ، وإن طلقت عمرة فحفصة طالق ، وإن طلقت حفصة فزينب طالق . ثم طلق زينب ، طلقت عمرة ، ولم تطلق حفصة ; لأنه ما أحدث في عمرة طلاقا بعد تعليق طلاق حفصة بتطليقها ، وإنما طلقت بالصفة السابقة على ذلك ، فيكون وقوعا للطلاق ، وليس بتطليق . وإن طلق عمرة ، طلقت حفصة ، ولم تطلق زينب لذلك . وإن طلق حفصة ، طلقت [ ص: 337 ] زينب ، ثم طلقت عمرة ، فيقع الطلاق بالثلاث ; لأنه أحدث في زينب طلاقا بعد تعليقه طلاق عمرة بطلاقها ، فإنه علق طلاقها بعد ذلك على تطليق حفصة ، ثم طلق حفصة ، والتعليق مع تحقق شرطه تطليق ، وقد وجد التعليق وشرطه معا بعد تعليقه طلاق عمرة بتطليقها ، فكان وقوع الطلاق بزينب تطليقا ، فطلقت به عمرة ، بخلاف غيرها . وإن قال لزينب : إن طلقت عمرة فأنت طالق . ثم قال لعمرة : إن طلقت حفصة فأنت طالق . ثم قال لحفصة : إن طلقت زينب فأنت طالق . ثم طلق زينب ، طلق الثلاث ; زينب بالمباشرة ، وحفصة بالصفة ، ووقوع الطلاق بحفصة تطليق لها ، وتطليقها شرط طلاق عمرة ، فتطلق به أيضا .

                                                                                                                                            والدليل على أنه تطليق لحفصة ، أنه أحدث فيها طلاقا ، بتعليقه طلاقها على تطليق زينب ، بعد تعليق طلاق عمرة بتطليقها ، وتحقق شرطه ، والتعليق مع شرطه تطليق ، وقد وجدا معا بعد جعل تطليقها صفة لطلاق عمرة . وإن طلق عمرة ، طلقت هي وزينب ، ولم تطلق حفصة . وإن طلق حفصة ، طلقت هي وعمرة ، ولم تطلق زينب ; لما ذكرنا في المسألة التي قبلها . وإن قال لزينب : إن طلقتك فضرتاك طالقتان ، ثم قال لعمرة مثل ذلك ، ثم قال لحفصة مثل ذلك ، ثم طلق زينب ، طلقت كل واحدة منهن طلقة واحدة ; لأنه لم يحدث في غير زينب طلاقا ، إنما طلقتا بالصفة السابقة على تعليق الطلاق بطلاقها . وإن طلق عمرة ، طلقت زينب طلقة ، وطلقت عمرة وحفصة كل واحدة منهما طلقتين ; لأن عمرة طلقت واحدة بالمباشرة ، وطلقت زينب وحفصة بطلاقها واحدة واحدة ، وطلاق زينب تطليق لهما ; لأنه وقع بها بصفة أحدثها بعد تعليق طلاقهما بتطليقها ، فعاد على عمرة وحفصة بذلك طلقتان ، ولم يعد على زينب بطلاقهما طلاق ; لما تقدم .

                                                                                                                                            وإن طلق حفصة ، طلقت ثلاثا ; لأنها طلقت واحدة بالمباشرة ، فطلقت بها ضرتاها ، ووقوع الطلاق بكل واحدة منهما تطليق ، لأنه بصفة أحدثها فيهما بعد تعليق طلاقها بطلاقهما ، فعاد عليها من طلاق كل واحدة منهما طلقة ، فكمل لها ثلاث ، وطلقت عمرة طلقتين ، واحدة بتطليق حفصة ، وأخرى بوقوع الطلاق على زينب ; لأنه تطليق لزينب ; لما ذكرناه ، وطلقت زينب واحدة ; لأن طلاق ضرتها بالصفة ، ليس بتطليق في حقها . وإن قال لكل واحدة منهن : كلما طلقت إحدى ضرتيك ، فأنت طالق . ثم طلق الأولى ، طلقت ثلاثا ، وطلقت الثانية طلقتين ، والثالثة طلقة واحدة ; لأن تطليقه للأولى شرط لطلاق ضرتيها ، ووقوع الطلاق بهما تطليق بالنسبة إليها ، لكونه واقعا بصفة أحدثها بعد تعليق طلاقها بطلاقهما ، فعاد عليها من تطليق كل واحدة منهما طلقة ، فكمل لها الثلاث ، وعاد على الثانية من طلاق الثالثة طلقة ثانية لذلك ، ولم يعد على الثالثة من طلاقهما الواقع بالصفة شيء ; لأنه ليس بتطليق في حقها .

                                                                                                                                            وإن طلق الثانية طلقت أيضا طلقتين ، وطلقت الأولى ثلاثا ، والثالثة طلقة . وإن طلق الثالثة ، طلقت الأولى طلقتين ، وطلقت كل واحدة من الباقيتين طلقة طلقة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية