( 6134 ) فصل : وإذا ، كمرضه ، أو حبسه ، أو إحرامه ، أو صيامه ، حسبت عليه المدة من حين إيلائه ; لأن المانع من جهته ، وقد وجد التمكين الذي عليها . ولذلك لو أمكنته من نفسها ، وكان ممتنعا لعذر ، وجبت لها النفقة . وإن طرأ شيء من هذه الأعذار بعد الإيلاء ، أو جن ، لم تنقطع المدة ; للمعنى الذي ذكرناه . وإن كان المانع من جهتها ، نظرنا ; فإن كان حيضا ، لم يمنع ضرب المدة ; لأنه لو منع لم يمكن ضرب المدة ; لأن الحيض في الغالب لا يخلو منه شهر ، فيؤدي ذلك إلى إسقاط حكم الإيلاء ، وإن طرأ الحيض ، لم يقطع المدة ; لما ذكرناه . آلى منها ، وثم عذر يمنع الوطء من جهة الزوج
وفي النفاس وجهان ; أحدهما ، هو كالحيض ; لأن أحكامه أحكام الحيض . والثاني ، هو كسائر الأعذار التي من جهتها ; لأنه نادر غير معتاد ، فأشبه سائر الأعذار . وأما سائر الأعذار التي من جهتها ; كصغرها ومرضها ، وحبسها ، وإحرامها ، وصيامها واعتكافها المفروضين ، ونشوزها ، وغيبتها ، فمتى وجد منها شيء حال الإيلاء ، لم تضرب له المدة حتى يزول ; لأن المدة تضرب لامتناعه من وطئها ، والمنع هاهنا من قبلها . وإن وجد شيء من هذه الأسباب ، استؤنفت المدة ، ولم يبن على ما مضى ; لأن قوله سبحانه { : تربص أربعة أشهر } يقتضي متوالية . فإذا قطعتها ، وجب استئنافها ، كمدة الشهرين في صوم الكفارة . وإن حنث وهربت من يده ، انقطعت المدة .
وإن بقيت في يده وأمكنه وطؤها ، احتسب عليه بها . فإن قيل : فهذه الأسباب منها ما لا صنع لها فيه ، فلا ينبغي أن تقطع المدة ، كالحيض . قلنا : إذا كان المنع لمعنى فيها ، فلا فرق بين كونه بفعلها ، أو بغير فعلها . كما أن البائع إذا تعذر عليه تسليم المعقود عليه ، لم يتوجه له المطالبة بعوضه ، سواء كان لعذر أو غير عذر . وإن آلى في الردة ، لم تضرب له المدة إلا من حين رجوع المرتد منهما إلى الإسلام . وإن طرأت الردة في أثناء المدة ، انقطعت ; لأن النكاح قد تشعث وحرم الوطء ، فإذا عاد إلى الإسلام ، استؤنفت المدة ، سواء كانت الردة منهما أو من أحدهما . وكذلك إن أسلم أحد الزوجين الكافرين ، أو خالعها ، ثم تزوجها . والله أعلم .