( 8530 ) فصل : فإن ، قبلت شهادتهما ، وبطلت وصية سالم ، لأنهما لا يجران إلى أنفسهما نفعا ولا يدفعان عنها ضررا . فإن قيل : فهما يثبتان لأنفسهما ولاء غانم . قلنا : وهما يسقطان ولاء سالم ، وعلى أن الولاء إثبات سبب الميراث ، وهذا لا يمنع قبول الشهادة ، بدليل ما لو شهدا بعتق غانم من غير معارض ، ثبت عتقه ، ولهما ولاؤه ، ولو شهدا بثبوت نسب أخ لهما ، قبلت شهادتهما ، مع ثبوت سبب الإرث لهما ، وتقبل شهادة المرأة لأخيه بالمال ، وإن جاز أن يرثه ، فإن كان الوارثان فاسقين ، لم تقبل شهادتهما في الرجوع ، ويلزمهما إقرارهما لغانم ، فيعتق سالم بالبينة العادلة ، ويعتق غانم بإقرار الورثة بالوصية بإعتاقه وحده . [ ص: 259 ] شهد عدلان أجنبيان ، أنه وصى بعتق سالم ، وشهد عدلان وارثان ، أنه رجع عن الوصية بعتق سالم ، ووصى بعتق غانم ، وقيمتهما سواء ، أو كانت قيمة غانم أكثر
وذكر ، وأصحاب القاضي ، أنه إنما يعتق . ثلثاه ; لأنه لما عتق سالم بشهادة الأجنبيين ، صار كالمغصوب ، فصار غانم نصف التركة ، فيعتق ثلثاه ، وهو ثلث التركة . ولنا ، أن الوارثة تقر بأنه حين الموت ثلث التركة ، وأن عتق سالم إنما كان بشهادتهما بعد الموت ، فصار كالمغصوب بعد الموت ، ولو غصب بعد الموت ، لم يمنع ، عتق غانم كله ، فكذلك الشهادة بعتقه . وقد ذكر القاضي ، فيما إذا شهدت بينة عادلة بإعتاق سالم في مرضه ، ووارثة فاسقة بإعتاق غانم في مرضه ، وأنه لم يعتق سالما ، أن غانما يعتق كله . وهذا مثله . الشافعي
فأما إن كانت قيمة غانم أقل من قيمة سالم ، فالوارثة متهمة ; لكونها ترد إلى الرق من كثرت قيمته ، فترد شهادتها في الرجوع ، كما ترد شهادتها بالرجوع عن الوصية ، ويعتق سالم ، وغانم كله أو ثلثاه وهو ثلث الباقي ، على ما ذكرنا من الاختلاف فيما إذا كانت فاسقة . فإن لم تشهد الوارثة بالرجوع عن عتق سالم ، لكن شهدت بالوصية بعتق غانم وهي بينة عادلة ، ثبتت الوصيتان ، سواء كانت قيمتها سواء أو مختلفة فيعتقان إن لم يخرجا من الثلث ، وإن خرجا من الثلث ، أقرع بينهما ، فيعتق من خرجت له القرعة ، ويعتق تمام الثلث من الآخر ، سواء تقدمت إحدى الوصيتين على الأخرى أو استوتا ; لأن المتقدم والمتأخر من الوصايا سواء .