( 8546 ) مسألة ; قال : وإن أقام المسلم بينة أنه مات مسلما ، وأقام الكافر بينة أنه مات كافرا ، أسقطت البينتان ، وكانا كمن لا بينة لهما ، وإن قال شاهدان : نعرفه كان كافرا . وقال شاهدان : نعرفه كان مسلما ، فالميراث للمسلم ; لأن الإسلام يطرأ على الكفر إذا لم يؤرخ الشهود معرفتهم وجملة ذلك أنه إذا فهما متعارضتان وإن عرف أصل دينه نظرنا في لفظ الشهادة ; فإن شهدت كل واحدة منهما أنه كان آخر كلامه التلفظ بما شهدت به ، فهما متعارضتان ، وإن شهدت إحداهما أنه مات على دين الإسلام ، وشهدت الأخرى أنه مات على دين الكفر قدمت بينة من يدعي انتقاله عن دينه ; لأن المبقية له على أصل دينه ، ثبتت شهادتها على الأصل الذي تعرفه ; لأنهما إذا عرفا أصل دينه ولم يعرفا انتقاله عنه ، جاز لهما أن يشهدا أنه مات على دينه الذي عرفاه ، والبينة الأخرى معها علم لم تعلمه الأولى ، فقدمت عليها ، كما لو خلف الميت ولدين مسلما وكافرا ، فادعى المسلم أنه مات مسلما ، وأقام بذلك بينة ، وأقام الكافر بينة من المسلمين أنه مات كافرا ، ولم يعرف أصل دينه ، قدمت بينة العتق والبيع . شهد بأن هذا العبد كان ملكا لفلان إلى أن مات ، وشهد آخران أنه أعتقه أو باعه قبل موته
فأما إن قال شاهدان : نعرفه قبل موته قد كان مسلما . وقال شاهدان : نعرفه كان كافرا . نظرنا في تاريخهما ; فإن كانتا مؤرختين بتاريخين مختلفين عمل بالآخرة منهما ، لأنه ثبت أنه انتقل عما شهدت به الأولى ، إلى ما شهدت به الآخرة وإن كانتا مطلقتين ، أو إحداهما مطلقة قدمت بينة المسلم ; لأن المسلم لا يقر على الكفر في دار الإسلام ، وقد يسلم الكافر ، فيقر . وإن كانتا مؤرختين بتاريخ واحد ، نظرت في شهادتهما ، فإن كانت على اللفظ ، فهما متعارضتان . وإن لم تكن على اللفظ ، ولم يعرف أصل دينه ، فهما متعارضتان .
وإن عرف أصل دينه ، قدمت الناقلة له عن أصل دينه . وكل موضع تعارضت البينتان ، فقال تسقط البينتان ، ويكونان كمن لا بينة لهما . وقد ذكرنا روايتين أخريين ; إحداهما ، يقرع بينهما ، فمن خرجت له القرعة ، حلف وأخذ . الثانية تقسم بينهما . ونحو هذا قال الخرقي . وقال الشافعي : تقدم بينة الإسلام على كل حال وقد مضى الكلام معه . وقول أبو حنيفة ، فيما إذا قال شاهدان : نعرفه كان [ ص: 268 ] مسلما وقال شاهدان : نعرفه كان كافرا . محمول على من لم يعرف أصل دينه ، أو علم أن أصل ، دينه الكفر ، أما من كان مسلما في الأصل فينبغي أن تقدم بينة الكفر ; لأن بينة الإسلام يجوز أن تستند إلى ما كان عليه في الأصل . الخرقي