( 8855 ) فصل : وإذا ، فإن كان قد قبضها وتملكها ، ولم يكن الولد وطئها ، ولا تعلقت بها حاجته ، فقد ملكها الأب بذلك ، وصارت جاريته ، والحكم فيها كالحكم في جاريته التي ملكها بالشراء . وإن وطئها قبل تملكها ، فقد فعل محرما ; لأن الله تعالى قال : { وطئ الرجل جارية ولده والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } . وهذه ليست زوجا له ، ولا ملك يمينه . فإن قيل : فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { } . فأضاف مال الابن إلى أبيه ، فاللام الملك والاستحقاق ، فدل على أنه ملكه . قلنا : لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الملك ، بدليل أنه أضاف إليه الولد ، وليس بمملوك ، وأضاف إليه ماله في حالة إضافته إلى الولد ، ولا يكون الشيء مملوكا لمالكين حقيقة في حال [ ص: 417 ] واحدة ، وقد يثبت الملك لولده حقيقة ، بدليل حل وطء إمائه والتصرف في ماله ، وصحة بيعه وهبته وعتقه ، ولأن الولد لو مات لم يرث منه أبوه إلا ما قدر له ، ولو كان ماله ، لاختص به ، ولو مات الأب ، لم يرث ورثته مال ابنه ، ولا يجب على الأب حج ولا زكاة ولا جهاد بيسار ابنه ، فعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد التجوز ، بتشبيهه بماله في بعض الأحكام . أنت ومالك لأبيك
إذا ثبت هذا ، فإنه لا حد على الأب ; للشبهة ; لأنه إذا لم يثبت حقيقة الملك ; فلا أقل من أن يكون شبهة تدرأ الحد ، فإن الحدود تدرأ بالشبهات ، ولكن يعزر ; لأنه وطئ جارية لا يملكها ، وطئا محرما ، فكان عليه التعزير ، كوطء الجارية المشتركة . وفيه وجه آخر ، لا يعزر عليه ; لأن مال ولده كماله . ولا يصح لأن ماله مباح له ، غير ملوم عليه ، وهذا الوطء هو عاد فيه ، ملوم عليه . وإن علقت منه ، فالولد حر ; لأنه من وطء درئ فيه الحد لشبهة الملك ، فكان حرا ، كولد الجارية المشتركة ، ولا تلزمه قيمته ; لأن الجارية تصير ملكا له بالوطء ، فيحصل علوقها بالولد وهي ملك له ، وتصير أم ولد له ، تعتق بموته ، وتنتقل إلى ملكه ، فيحل له وطؤها بعد ذلك . وبهذا قال أبو حنيفة ، في أحد قوليه ، وقال في الآخر : لا تصير أم ولد له ، ولا يملكها ; لأنه استولدها في غير ملكه ، فأشبه الأجنبي ، ولأن ثبوت أحكام الاستيلاد ، إنما كان بالإجماع فيما إذا استولد مملوكته ، وهذه ليست مملوكة له ، ولا في معنى مملوكته ، فإنها محرمة عليه ، فوجب أن لا يثبت لها هذا الحكم ، ولأن الأصل الرق ، فيبقى على الأصل ، ولأن الوطء المحرم لا ينبغي أن يكون سببا للملك ، الذي هو نعمة وكرامة ، لأنه يفضي إلى تعاطي المحرمات . والشافعي
ولنا أنها علقت منه بحر ، لأجل الملك ، فصارت أم ولد له ، كالجارية المشتركة ، وفارق وطء الأجنبي في هذا . إذا ثبت هذا ، فإنه لا يلزمه مهرها ، ولا قيمتها . وقال : لا يلزمه مهرها ، ويلزمه قيمتها ; لأنه أخرجها عن ملك سيدها بفعل محرم ، فأشبه ما لو قتلها ، وإنما لم يلزمه مهرها ; لأنه إذا ضمنها ، فقد دخلت قيمة البضع في ضمانها ، فلم يضمنه ثانيا ، كما لو قطع يدها فسرى القطع إلى نفسها ، فإنه يضمن قيمة النفس دون قيمة اليد . وقال أبو حنيفة : يلزمه مهرها ; لأنه وطئ جارية غيره وطئا محرما ، فلزمه مهرها ، كالأجنبي ، وتلزمه قيمتهما ، على القول بكونها أم ولد ، كما يلزم أحد الشريكين ، قيمة نصيب شريكه ، إذا استولد الجارية المشتركة . الشافعي
ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { } . ولأنه لا تلزمه قيمة ولدها ، فلم يلزمه مهرها ، ولا قيمتها كمملوكته ، ولأنه وطء صارت به الموطوءة أم ولد ، لأمر لا يختص ببعضها ، فأشبه استيلاد مملوكته . أنت ومالك لأبيك