( 1179 ) مسألة : قال : ( وإذا صلى إمام الحي جالسا صلى من وراءه جلوسا ) . المستحب ، أن يستخلف ; لأن الناس اختلفوا في صحة إمامته ، فيخرج من الخلاف ، ولأن صلاة القائم أكمل ، فيستحب أن يكون الإمام كامل الصلاة . فإن قيل : فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا بأصحابه ، ولم يستخلف . للإمام إذا مرض ، وعجز عن القيام
قلنا : صلى قاعدا ليبين الجواز ، واستخلف مرة أخرى ، ولأن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا أفضل من صلاة غيره قائما . فإن صلى بهم قاعدا جاز ، ويصلون من ورائه جلوسا ، فعل ذلك أربعة من الصحابة ، ، أسيد بن حضير ، وجابر وقيس بن قهد ، . وبه قال وأبو هريرة الأوزاعي ، ، وحماد بن زيد وإسحاق ، . وقال وابن المنذر في إحدى روايتيه : لا تصح مالك . وهو قول صلاة القادر على القيام خلف القاعد ; لأن محمد بن الحسن الشعبي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } أخرجه لا يؤمن أحد بعدي جالسا . ولأن القيام ركن ، فلا يصح ائتمام القادر عليه بالعاجز عنه كسائر الأركان . الدارقطني
وقال ، الثوري ، وأصحاب الرأي : يصلون خلفه قياما ; لما روت والشافعي ، { عائشة أبا بكر ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم وجد في نفسه خفة ، فخرج بين رجلين ، فأجلساه إلى جنب أبي بكر ، فجعل أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر ، والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد } . متفق عليه . أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف
وهذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه ركن قدر عليه ، فلم يجز له تركه ، كسائر الأركان . ولنا ، ما روى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبو هريرة } . متفق عليه . . وعن إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا [ ص: 28 ] عليه ، وإذا صلى جالسا ، فصلوا جلوسا أجمعون رضي الله عنها قالت : { عائشة } صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته ، وهو شاك ، فصلى جالسا ، وصلى وراءه قوم قياما ، فأشار إليهم ، أن اجلسوا ، فلما انصرف قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا ركع فاركعوا ، وإذا رفع فارفعوا ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : ربنا ولك الحمد . وإذا صلى جالسا ، فصلوا جلوسا أجمعون
وروى نحوه ، أخرجهما أنس ، البخاري . وروى ومسلم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . أخرجه جابر . ورواه مسلم ، وعمل به . وقال أسيد بن حضير : روي هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق متواترة ، من حديث ابن عبد البر ، أنس ، وجابر ، وأبي هريرة ، وابن عمر ، كلها بأسانيد صحاح . ولأنها حالة قعود الإمام ، فكان على المأمومين متابعته ، كحال التشهد . وعائشة
فأما حديث الشعبي فمرسل ، يرويه جابر الجعفي ، وهو متروك . وقد فعله أربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعده . وأما حديث الآخرين ، فقال : ليس في هذا حجة ; لأن أحمد أبا بكر كان ابتدأ الصلاة ، فإذا ابتدأ الصلاة قائما صلوا قياما . فأشار إلى أنه يمكن الجمع بين الحديثين ، بحمل الأول على من ابتدأ الصلاة جالسا ، والثاني على ما إذا ابتدأ الصلاة قائما ، ثم اعتل فجلس ، ومتى أمكن الجمع بين الحديثين وجب ، ولم يحمل على النسخ ، ثم يحتمل أن أحمد أبا بكر كان الإمام . قال : في بعض الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس ، وفي بعضها أن ابن المنذر أبا بكر كان الإمام . وقالت : صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلف عائشة أبي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعدا . وقال : صلى النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه خلف أنس أبي بكر قاعدا في ثوب متوشحا به . قال الترمذي : كلا الحديثين حسن صحيح ، ولا يعرف للنبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر صلاة إلا في هذا الحديث . وروى عن مالك ربيعة الحديث ، قال : وكان أبو بكر الإمام ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بصلاة أبي بكر . وقال { } . قال : ما مات نبي حتى يؤمه رجل من أمته : العمل عندنا على حديث مالك ربيعة هذا ، وهو أحب إلي .
فإن قيل : لو كان أبو بكر الإمام لكان عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا : يحتمل أنه فعل ذلك ; لأن وراءه صفا . ( 1180 ) فصل : فإن صلوا وراءه قياما ، ففيه وجهان : أحدهما ، لا تصح صلاتهم . أومأ إليه ، فإنه قال : إن أحمد . لم يقتدوا بالإمام ، إنما اتباعهم له إذا صلى جالسا صلوا جلوسا ; وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالجلوس ، ونهاهم عن القيام ، فقال في حديث صلى الإمام جالسا ، والذين خلفه قياما : { جابر فارس بعظمائها . فقعدنا } والأمر يقتضي الوجوب ، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه . إذا صلى الإمام قاعدا فصلوا قعودا ، وإذا صلى قائما فصلوا قياما ، ولا تقوموا والإمام جالس ، كما يفعل أهل
ولأنه ترك اتباع إمامه ، مع قدرته عليه ، أشبه تارك القيام في حال قيام إمامه . والثاني : تصح ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى وراءه قوم قياما ، لم يأمرهم بالإعادة ، فعلى هذا يحمل الأمر على الاستحباب ، ولأنه يتكلف للقيام في موضع يجوز له القعود أشبه المريض إذا تكلف القيام . ويحتمل أن تصح صلاة الجاهل بوجوب القعود ، دون العالم بذلك ، كقولنا في الذي ركع دون الصف . فأما ، فإن صلاته لا تصح ; لأنه ترك ركنا يقدر على الإتيان به . من وجب عليه القيام فقعد
[ ص: 29 ] فصل : : أحدهما ، أن يكون إمام الحي . نص عليه ولا يؤم القاعد من يقدر على القيام إلا بشرطين فقال : ذلك لإمام الحي ; لأنه لا حاجة بهم إلى تقديم عاجز عن القيام إذا لم يكن الإمام الراتب . فلا يتحمل إسقاط ركن في الصلاة لغير حاجة ، والنبي صلى الله عليه وسلم حيث فعل ذلك كان هو الإمام الراتب . الثاني : أن يكون مرضه يرجى زواله ; لأن اتخاذ الزمن ، ومن لا يرجى قدرته على القيام إماما راتبا ، يفضي إلى تركهم القيام على الدوام ، ولا حاجة إليه ، ولأن الأصل في هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم كان يرجى برؤه . أحمد