( 1239 ) فصل : ولا تباح هذه كالإباق ، وقطع الطريق ، والتجارة في الخمر والمحرمات . نص عليه الرخص في سفر المعصية . وهو مفهوم كلام أحمد لتخصيصه الواجب والمباح ، وهذا قول الخرقي ، وقال الشافعي ، الثوري والأوزاعي ، : له ذلك ; احتجاجا بما ذكرنا من النصوص ، ولأنه مسافر ، فأبيح له الترخص كالمطيع . وأبو حنيفة
ولنا ، قول الله تعالى : { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه } أباح الأكل لمن لم يكن عاديا ولا باغيا ، فلا يباح لباغ ولا عاد . قال : غير باغ على المسلمين ، مفارق لجماعتهم ، يخيف السبيل ، ولا عاد عليهم . ابن عباس
ولأن الترخص شرع للإعانة على تحصيل المقصد المباح ، توصلا إلى المصلحة ، فلو شرع هاهنا لشرع إعانة على المحرم ، تحصيلا للمفسدة ، والشرع منزه عن هذا ، والنصوص وردت في حق الصحابة ، وكانت أسفارهم مباحة ، فلا يثبت الحكم في من سفره مخالف لسفرهم ، ويتعين حمله على ذلك جمعا بين النصين ، وقياس المعصية على الطاعة بعيد ، لتضادهما .
( 1240 ) فصل : فإن عدم العاصي بسفره الماء ، فعليه أن يتيمم ; لأن الصلاة واجبة لا تسقط ، والطهارة لها [ ص: 52 ] واجبة أيضا ، فيكون ذلك عزيمة ، وهل تلزمه الإعادة ؟ على وجهين : أحدهما ، لا تلزمه ; لأن التيمم عزيمة ، بدليل وجوبه ، والرخص لا تجب ، والثاني : عليه الإعادة ; لأنه حكم يتعلق بالسفر ، أشبه بقية الرخص .
والأول أولى ; لأنه أتى بما أمر به من التيمم والصلاة ، فلم يلزمه إعادتها ، ويفارق بقية الرخص ، فإنه يمنع منها ، وهذا يجب فعله ، ولأن حكم بقية الرخص المنع من فعلها ، ولا يمكن تعدية هذا الحكم إلى التيمم ، ولا إلى الصلاة ، لوجوب فعلهما ، ووجوب الإعادة ليس بحكم في بقية الرخص ، فكيف يمكن أخذه منها أو تعديته عنها . ويباح له المسح يوما وليلة ; لأن ذلك لا يختص السفر ، فأشبه الاستجمار ، والتيمم وغيرهما من رخص الحضر .
وقيل : لا يجوز ; لأنه رخصة ، فلم تبح له كرخص السفر ، والأول أولى ، وهذا ينتقض بسائر رخص الحضر .