عجز منهج البحث الغربي وانحرافه
وهكذا عجز منهج البحث الغربي بعد انحرافه عن احتواء الإنسان والنظرة الشمولية إليه؛ من حيث إنه روح ونفس وعقل.. فهذه الجوانب لا تخضع للاختبار، كما أن المشاعر ودوافع السلوك لا يمكن حصر تفسيرها بالمقاييس المادية.
وقد ظهرت نتيجة ذلك النظريات ذات البعد الواحد في التفسير التاريخي؛ مثل: التفسير الاقتصادي الذي تبنته الماركسية ، والتفسير الحضاري الذي يعتمد على وجود التحدي وقدرة الإنسان على الاستجابة له في تعليل ظهور الحضارات، والتفسير الجغرافي الذي يعتمد أثر البيئة والمناخ.. وهكذا لم تعد النظرة إلى الإنسان تتسم بالشمول الذي امتاز به الإسلام.
ومن عوامل انحراف المنهج الغربي في التطبيق: نزعة الاستعلاء عند الغربيين التي جعلتهم لا يعطون الحضارات الأخرى تقويما موضوعيا، [ ص: 67 ] بل جعلوا الحضارة الغربية أساسا لمحاكمة الحضارات وقياسها؛ مما جعلهم لا يعترفون - إلا اليسير من علمائهم - بدور الحضارة الإسلامية في بناء حضارة الغرب، بل إنهم أعملوا مباضعهم في تشريح تراث الإسلام لإبراز السلبيات وإغفال الإيجابيات؛ ملقين بثقلهم الأكاديمي الاستشراقي لإعطاء قيمة بخسة لتراثنا ودورنا الحضاري، وبالتالي لتشويه الإسلام عقيدة وشريعة وتاريخا وحضارة لحساب الاستعلاء الغربي.