(ب) المـخـدرات والاستعمال الـدوائـي
مما لا ريب فيه أن لبعض العقاقير المخدرة آثارا دوائية ممتازة، وقد تكون هـناك بعض الأمراض التي لا يفيد فيها إلا هـذا المخدر؛ أو تكون هـناك بعض الآلام الشديدة التي لا تسكن إلا بالمورفين وأضرابه.
ولكن هـذه الفائدة المحدودة في حالات معينة لا ينبغي أن تدفعنا لأن نترك الحبل على الغارب، وأن نلجأ إلى هـذه المركبات بلا مراقبة ولا مسئولية.
ولا ريب أيضا أن الفقهاء ميزوا بين التداوي بالخمر والتداوي بباقي المخدرات. ولم يختلفوا بأن التداوي بالخمر حرام قطعا وأن حرمة الخمر قطعية يكفر منكرها؛ وأن حرمة المخدرات دون حرمة الخمر، التي ثبتت بالنص. ولهذا أجاز كبار الفقهاء كالنووي رحمه الله شرب الدواء المزيل للعقل للحاجة؛ وأضاف بأنه إذا زال عقله والحالة هـذه، لم يلزمه قضاء الصلوات بعد الإفاقة، لأنه زال بسبب غير محرم.
والذي نراه أنه لا بد من التفريق بين أنواع المخدرات في هـذا المجال. فبعضها لا يصلح أن يكون دواء فضلا عن أن يدخل في تركيب أحد الأدوية؛ كالحشيش مثلا الذي ثبت عدم وجود أية فائدة طبية له؛ ولذلك أخرجته المداواة من الخزانة الطبية، ولا يجوز أن يوجد في أي صيدلية أو أي مستودع أدوية. ونقترح أن تطلب المجامع الفقهية المعتبرة إلى لجنة من الأطباء الذين يوثق بدينهم وعلمهم تحديد قائمة بالعقاقير [ ص: 195 ] / المخدرة والأدوية النفسية الذي يجوز أن يلجأ إليها عند الحاجة، وتحت الرقابة الطبية والصحية الشديدة، وتصدر هـذه المجامع الفقهية فتواها على ضوء الدراسات العلمية المؤكدة؛ وتحديد البدائل إن وجدت.