الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

المخدرات من القلق إلى الاستعباد

الدكتور / محمد محمود الهواري

(ج) المخـدرات والقانـون

اعتبر تعاطي المخدرات والاتجار بها، وتسهيل الحصول عليها في أغلب بلدان العالم من الجرائم التي يعاقب عليها القانون، واختلفت درجة العقوبة باختلاف البلدان، وباختلاف الحالات، فقد أجازت بعض البلدان العربية والإسلامية وغيرها تطبيق عقوبة الإعدام للممولين والمهربين والمتجرين بالمخدرات؛ كما أجازت مصادرة أموالهم وممتلكاتهم؛ وخاصة إذا ثبت أنها تضخمت من جراء تهريب المخدرات أو الاتجار بها. وقد علمنا مؤخرا أن هـيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية قد أقرت وجوب تطبيق عقوبة الإعدام بهذه الفئات من المفسدين في الأرض.

أما في البلاد الغربية فلا يزال الاختلاف بينها في الحكم على أنواع المخدرات والاتجار بها. فقد أدرج الاتفاق الدولي لمراقبة المخدرات: الحشيش ومشتقاته للرقابة الدولية؛ إلا أن بعض الدول الأوربية، مثل هـولندا وإيطاليا وبعض الولايات في أمريكا اقترح وضع بعض التشريعات التي تسمح باستعمال الحشيش على اعتبار انه مخدر لطيف (أو خفيف) .

بيد أن الفعل المسيطر للحشيش لاحتوائه على مركب رابع هـيدروكانابينول، قد تأكد من خلال عدد كبير من الدراسات العلمية على [ ص: 196 ] الإنسان والحيوان على حد سواء؛ ولهذا فإن الفريق العلمي المسمى (فريق بومبيدو) والتابع للمجموعة الأوربية لم يقبل أن يصنف المخدرات بين مخدرات خفيفة وأخرى شديدة؛ بل وضعها جميعا في صنف واحد سام وخطير.

وقد أجاز عدد من الدول الأوربية عقوبة الحبس من سنتين إلى عشر سنوات، وبالغرامة المالية التي تتراوح ما بين (2000) دولار إلى (2) مليون دولار لكل من خالف القوانين والتشريعات المتعلقة بحيازة وإنتاج ونقل واستيراد وتصدير واستعمال المركبات أو النباتات أو زراعة النباتات المصنفة تحت اسم العقاقير السامة والمخدرة. كما شملت العقوبة كل من يسهل للغير استعمال المركبات أو النباتات المخدرة مقابل المال أو بالمجان أو يهيئ مكانا لتعاطي هـذه المخدرات أو بأية وسيلة أخرى.

وقد شملت هـذه العقوبة أيضا كل من يقدم وصفة طبية مزورة، أو وصفة طبية بالمجاملة، أو كل من حصل أو حاول الحصول على هـذه المخدرات.

كما أجازت القوانين مضاعفة العقوبات إذا كانت التسهيلات مقدمة لأشخاص قاصرين. وللسلطات القضائية أن تحرم المجرمين من حقوقهم المدينة خلال فترة زمنية محددة؛ وأن تمنعهم من حق الإقامة لعدة سنوات، وأن تسحب جوازات سفرهم، ورخص قيادتهم السيارات. وللسلطات القضائية الحق بأن تتخذ التدابير الزاجرة التي وضعها القانون بحق أماكن تعاطي المخدرات بصورة جماعية أو أماكن حيازتها أو تصنيعها. كما أجازت القوانين الملاحقة القضائية لكل من [ ص: 197 ] يحرض على استعمال المخدرات، سواء بالكتابة أو بالكلام أو بالصورة وأجازت العقوبات القانونية على الكتاب والصحفيين والمدراء المسئولين.

كما أجازت هـذه القوانين مضاعفة العقوبات عند تكرر الجرم.

وفيما يتعلق بالمدمنين فقد ذكرت بعض القوانين إنزال عقوبة الحبس من شهرين إلى سنة وبالغرامة المالية من حوالي (200) إلى (2000) دولار لكل من يستعمل أحد المخدرات بصورة غير مشروعة.

وإذا تبين بالفحص الطبي، أن المتعاطي قد بلغت به درجة الانسمام حدا معنيا؛ فللسلطات القضائية أن تخضع المدمن للمعالجة والرقابة الصحية، بالإضافة إلى إجراء التحقيق الكامل عن وضعيته العائلية والمهنية والاجتماعية. وعلى السلطات الصحية متابعة سير العلاج وإعلام السلطات القضائية بذلك.

وفي الحالات التي يتقدم فيها الشخص من نفسه إلى السلطات الصحية طالبا العلاج؛ فإن على هـذه السلطات أن تهيء له ذلك وأن تكتم اسمه بناء على طلبه. ولعل هـذا من فتح باب التوبة لهذا المريض وتهيئة جميع الظروف لإعادة اعتباره ومساعدته على عودته إلى المجتمع بشكل فعال ومفيد. [ ص: 198 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية