أهمية النظر الكلي في قضايا السنة
فكثير من البحوث الإسلامية في هـذا الميدان، وعلى اختلاف لمداخل الدراسة أظهرت أن هـناك قصورا منهجيا في إطار الدراسة، وأرضيته التحليلية، يؤدي دائما إلى تقديم السنة من إحدى زواياها المتعددة دون الأخرى. وهذا ما يجعل عملية التفاعل مع السنة تعاني من (النظرة الجزئية) التي تكتشف أحد أبعادها معزولة عن الأبعاد الأخرى.. فالمتكلم، والأصولي، والمحدث، والمفسر، [ ص: 41 ] والفقيه، وعالم السيرة، والتاريخ، وعالم الاجتماع، والاقتصادي، والسياسي، والعسكري، والفيلسوف، والتربوي، والمفكر.. كل واحد من هـؤلاء له منهجه في دراسة السنة النبوية.. فمحاولات الاستفادة منها تتم من زاوية التناول التي تخدم مجال الدراسة.. وكل منهجية تكشف لنا بعدا من أبعاد السنة، فلو تأتي لأحد تقديم دراسة تكاملية، تستفيد من كل هـذه المنهجيات، وتنظر إلى السنة في كل أبعادها، لقدم لنا منهجا جديدا، ومدخلا متكاملا، قد يتيح لنا فرصة فهم السنة، والإفادة منها في حياتنا العقلية، والنفسية، والسلوكية، والعمرانية..
وسوف لا أزعم في هـذه الدراسة، أنني قادر على تقديم هـذا المنهج المتكامل في دراسة السنة النبوية، لأسباب أذكر منها هـنا سببين اثنين هـما:
- صعوبة المهمة على الصعيدين المنهجي، والمعرفي معا. فالمنهجية المتكاملة في دراسة السنة النبوية، تقتضي سبرا عميقا للمناهج الجزئية في دراستها، وهي التي أشرنا إليها قبل قليل.. وكذلك بالنسبة للجانب المعرفي الذي يقتضي إلماما واعيا بما أنتجه تطبيق المناهج الجزئية من معارف، وأفكار منثورة في كتب الأمة المتنوعة، وهذا مما هـو متعذر في الوقت الراهن على المؤسسات، ناهيك عن الأشخاص..
- أما السبب الثاني فهو راجع إلى منهجية هـذا البحث المتواضع، إذ لا يمكن الحديث عن مثل هـذا الطرح قبل وضع إطار منهجي له، تدرس ضمنه الأفكار، وتحلل الإشكاليات.