ثانيا: المنهج النبوي وعالم التثقيف الحضاري
إن الحركة التغييرية وهي تتفاعل مع مشكلات الواقع، وهمومه، سوف تضطر إلى استيعاب متطلبات المجتمع، والسماع لخطابه، وحاجاته التي يرفع صوتها الناس من كل توجه، وتيار، وحزب. فمن الناس، من مشكلاتهم عقلية، ومنهم من مشكلاتهم نفسية، أو أخلاقية، أو تربوية، ومنهم من مشكلاتهم معاشية أو مادية، ومنهم من مشكلاتهم عصبية أو قبلية.. ومنهم من يطالب بسيادة منطق الفوضى، ومنهم الحاقدون، والمغرضون.. ومنهم من يجادل على صعيد الفكر والعلم، ومنهم المجادل على صعيد المنهج، والمشروع.. ومنهم من يطالب بالبدائل، ومنهم من يطالب بالمعجزات الخارقة، ومنهم من يريد الخير للإسلام، ولكن أسلوبه يسيء إلى الإسلام، ومنهم من يريد الشر للإسلام ولكن يخدمه من حيث لا يعلم.. والخلاصة هـي: أن في المجتمع حياة، وديناميكية، وخير، وشر. والحركة التغييرية الحية، هـي التي تفهم حركية المجتمع، وتسعى إلى معرفة هـمومه، واحتياجاته في كل لحظة، وآن، كيما تتمكن من استيعابه، وتقديم الخير له بدون إكراه، ولا تكليف بما لا يطاق.
كما أن الحركة التغييرية سوف تواجه من قبل عالم أشخاصها، وما يطرحه من تناقضات، وأمراض، وظروف متعلقة بثقافات الناس القديمة، تلك التي [ ص: 132 ] ستدخل إلى الحركة التغييرية، عن طريق العمليات الجارية في مفصل الربط الحضاري. ولكي تستجيب الحركة التغييرية بوعي، لكل هـذه المتطلبات وغيرها، مما يعرفه أصحاب القضية، فهي مضطرة منهجيا إلى فتح المفصل الثاني، من مفاصل التغيير، وهو مفصل ( التثقيف الحضاري) .