الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        المنهج النبوي والتغيير الحضاري

        برغوث عبد العزيز بن مبارك

        السنة النبوية مصدر للثقافة الإسلامية

        ولكي نتعامل بشكل جيد، ونافع مع السنة النبوية المطهرة باعتبارها مركبا للفعل الحضاري الإسلامي، الذي يراد له أن يعمل على حفظ مقاصد الشارع في الخلق، يجب أن نلاحظ بأن هـناك مستويات للتعامل، كما أن هـناك منهجيات، وكيفيات، سوف نقوم بعرض عام لها، ضمن هـذا العنصر الذي عقدناه لبحث منطقية السنة في تعاملها مع الظاهرة الاجتماعية.

        إن السنة النبوية مصدر من مصادر الثقافة الإسلامية. وهذا يؤدي إلى البحث في مستويات الفعل الثقافي، وكيف يتركب في الواقع البشري المعضل. فللثقافة وجهان: الوجه النظري ويمثل البناء التصوري، والمفاهيمي، والمعرفي، [ ص: 97 ] والمنهجي للظاهرة الثقافية. والوجه العملي، ويمثل التشكل الاجتماعي، والسلوكي للظاهرة. فدراسة أي ثقافة بشرية لا بد أن تمر على المستويين السابقين: مستوى الإطار المرجعي، ومستوى الإطار السلوكي. ودراسة أي منهما بمعزل عن الآخر، سوف يجزيء الظاهرة الثقافية، ويفصل شقيها المتلازمين. فكل السلوكيات، والمواقف العملية، والبنى المادية لثقافة ما، إنما يرجع إلى الجذر النظري والمرجعي، الذي يطبع عالم الثقافة بطابعه، وبنائه الخاص، المستمد أصلا من تصورات المجتمع، ومواقفه الكونية، والحياتية.

        وما دامت السنة النبوية مصدرا من مصادر الثقافة الإسلامية، فإنها تؤثر في الجانبين معا. وعليه فمن الضروري دراستها من الجانبين كذلك:

        - السنة النبوية كمصدر للبناء الثقافي النظري والمرجعي (عالم العقيدة والأخلاق الإسلامية) [1] .

        - والسنة النبوية كمصدر للنظام السلوكي لدى الأشخاص (عالم السلوك وعالم العمران) .

        في المستوى الأول، تظهر لنا مجالات التعامل مع الظاهرة الثقافية التي منها:

        - مجال التصور الكوني.

        - مجال المفاهيم.

        - مجال المنهجية.

        - مجال النظرية المعرفية.

        - مجال القوانين الثقافية.

        - مجال القوانين الأخلاقية. [ ص: 98 ]

        - مجال المشروع الاجتماعي.

        - ومجال التنظير، وضوابطه.

        أما في المستوى الثاني للظاهرة الثقافية، هـناك كذلك مجالات للتعامل نذكر منها:

        - مجال الواقع الإنساني.

        - مجال السلوك البشري.

        - مجال الجهد البشري.

        - مجال المعاش والعمران البشري.

        - ومجال التاريخ، والسير في الأرض.

        والسنة النبوية تدخل في توجيه الجانبين معا، حتى ينسجما مع الخطاب الإلهي، وينضبطا مع القانون الفطري العام الذي جاءت الشريعة لتدل عليه، وتعلم بأنه صبغة الله التي يجب أن يعود إليها البشر في صناعة حياتهم، وتسخير سنن الله من أجل تحقيق السعادة في الدارين.

        إن فهمنا للسنة النبوية بهذه الشمولية، وإدراك قدرتها الفائقة على التوجيه في مختلف الأصعدة السابقة، سوف يتيح لنا فرصة التعرف على الخير الإلهي الذي أودعه سبحانه وتعالى في جهد نبيه صلى الله عليه وسلم كما سيطلعنا على القدرة الذاتية للوعي النبوي المضمن في سنته، التي تمثل الإطار العملي لمقاصد الشارع الحكيم في الخلق، ولحركة تنزيل الخطاب الرباني في صورة موقف اجتماعي، كان من محصلته بناء الإنسان، والمجتمع، والثقافة الإسلامية المعبرة عن حضارة الإسلام في الأرض. [ ص: 99 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية