جهد النبي والبناء الحضاري
ففي سياق تتبع النموذج التغييري النبوي، نجده قد مر بمفاصل التغيير الثلاثة:
- مفصل الربط الحضاري.
- مفصل التثقيف الحضاري.
- مفصل البناء الحضاري.
فمن الوجهة التاريخية، نجد أن مفصل الربط الحضاري، قد امتد خلال الفترة المكية، مع التنبيه إلى ذلك التلازم الرائع، بينه وبين مفصل التثقيف الحضاري، كما أشرنا سابقا.. أما مفصل البناء الحضاري، فقد أعقب هـاتين المرحلتين مباشرة، حيث انطلق واقعيا من هـجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، مهد الحضارة الإسلامية الأولى، وفيها بدأ في الترتيبات العملية لبناء المجتمع [ ص: 140 ] الإسلامي، وترسيم معالمه، وحدوده السياسية والجغرافية، وتشكيل مؤسساته الدينية والاقتصادية، والدعوية، والجهادية.
ثم تحرك النبي بعد عملية الترسيم الأولى، إلى إكمال عمليات الربط والثقيف والبناء، في مستويات أخرى من العملية التغييرية، وفي ساحات جغرافية، وثقافية أخرى، حيث الدوائر المحلية، والدولية، والعالمية. وفي هـذه المراحل بالذات انخرط الصحابة الكرام في عملية بناء واسعة النطاق، طالت كل العالم الإسلامي القديم، الذي وصله الدين الحق، عن طريق الدعاة الفاتحين.