29 - ذلك هـو عمرو، وتلك هـي سمات قيادته، فلا عجب أن يترك بصماته على بلاد شاسعة من ديار العرب، تمتد من الخليج العربي إلى البحر الأبيض المتوسط في حياته، وتبقى بصماته من بعده حتى اليوم، وستبقى حتى يرث الله الأرض ومن عليها، لأن فتحه كان فتحا مستداما، لأنه فتح مبادئ، لا فتح سيوف، والمبادئ إلى بقاء، والاستعباد إلى فناء.
لقد كانت خسائر عمرو في حروبه في الفتوح، من المسلمين قليلة، وكانت أرباحه للإسلام بالفتوح كثيرة، فأدى الذي عليه قائدا، من أبرز قادة الفتح الإسلامي، وأبرز قادة المسلمين على الإطلاق، منذ جاء الإسلام حتى اليوم، وإذا كان هـناك مجال للاختلاف في تقويمه إنسانا، فلا مجال للاختلاف في تقويمه قائدا، فقد عجزت النساء أن يلدن مثل عمرو، وهو من القادة الذين لا يتكررون إلا نادرا.
إنه ليس من أعظم قادة العرب والمسلمين حسب، بل هـو من أعظم قادة الأمم الأخرى، بشهادة مفكري الأمم الأخرى المنصفين. [ ص: 100 ]