إذا كان العلم الشرعي نورا يقذفه الله في قلوب المؤمنين الطائعين المخلصين، فلا بد في المتفقه أن يكون صافي النفس من أدران الدنيا وشوائبها، مخلصا في طلب الحق والمعرفة، لا يقصد بذلك إلا وجه الله تعالى، وأن يكون عدلا في دينه، يلتزم الطاعات ويجتنب المعاصي [1] . وقد دلت على ذلك الآيات والأحاديث وآثار الصحابة والسلف الصالح.. ومن ذلك:
1- قوله تعالى: ( ... ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما ) (النساء:66-68) .
2- قوله تعالى: ( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب ) (البقرة:269) . [ ص: 91 ]
3- ( قوله صلى الله عليه وسلم : من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) [2] .
4- وقد كان السلف الصالح لا يقدمون على درس أو مطالعة إلا إذا تطهروا، وكانوا على جانب كبير من الاستعداد الروحي حتى يكونوا أقرب إلى الله تعالى، وإذا أعوزهم البحث توجهوا إلى الله تعالى بالدعاء والذكر أن يفتح عليهم فتوح العارفين فيما لم تهيئه لهم عقليتهم الضعيفة.
5- وقد بين الشافعي رضي الله عنه أن العلم نور يقذفه الله في قلوب الطائعين ويحجبه عن العاصين، فقال:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى تـرك المعاصي وأخبرني بـأن العلم نور
ونور الله لا يهـدى لعاصي [3]
وكانت الأوائل يختبرون المتعلم أولا، فإن وجدوا فيه خلقا رديئا منعـوه، لئلا يصـير آلة الفساد، وإن وجـدوه مهذبا علموه، ولا يطلقونه قبل الاستكمال خوفا على فساد دينه ودين غيره [5] .
فعلى القائمين على كليات الشريعة اليوم إجراء المقابلات الشخصية للطلبة المتقدمين لدراسة العلوم الشرعية للتأكد من سلامة قلوبهم وعدم خبث طويتهم. كما ينبغي عليهم متابعة الطلبة الذين التحقوا بكليات الشريعة، ليطبقوا ما يدرسون من علوم شرعية، ويلتزموا بالإسلام عقيدة وشريعة ونظام حياة، ويتحلوا بالأخلاق الإسلامية الفاضلة، وينشروا العلم الذي تعلموه بين أقوامهم.