الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
المطلب الثالث: الاستعداد الشخصي للمتفقه

الملكة الفقهية تحتاج من المتفقه إلى استعداد شخصي يتمثل في الجد والهمة في طلب العلم، فإن الإنسان يطير بهما إلى الدرجات الشاهقة في العلم، وأنه مهما بلغ الإنسان من درجات في العلم يبقى بحاجة إلى المزيد، فلا بد من أن يبذل الوسع في الطلب والتحصيل والتدقيق والركض في ميدان العلم والعمل، فلا يراه الناس واقفا إلا على أبواب العلم، ولا باسطا يديه إلا لمهمات الأمور. [ ص: 93 ]

فطالب الفقه يستكثر من ميراث النبوة، ويذاكره باستمرار، ويتعاهده بالحفظ لأن العلم ما ثبت في الخواطر لا ما أودع في الدفاتر. ( فعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت ) [1] .

فالحديث يدل على أن من لم يتعاهد علمه ذهب عنه. فإذا كان القرآن الميسر للذكر يذهب إن لم يتعاهد، فإن العلوم الأخرى من فقه وحديث تذهب من باب أولى بعدم التعاهد.

وطالب الفقه ينبغي له أن يبذل جهده في تقييد العلم وكتابته لأن تقييد العلم بالكتابة أمان له من الضياع. كما ينبغي عليه أن يجعل دفترا لتقييد ما يسمع من الفوائد ويستنبطه من الزوائد; فإن العلم صيد والكتابة قيد.

وطالب الفقه ينبـغي له أن يبحـث عن العـلم في أي مكـان، ولا يقتصر على ما يتلقاه من بعض المدرسين، بل يرحل إلى من يفيده في العلم ويدرس عليه بعض العلوم الضرورية لتكوين الملكة الفقهية. فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها. [ ص: 94 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية