الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الحوار (الذات .. والآخر)

عبد الستار إبراهيم الهيتي

المعوقات الموضوعية

وهي عبارة عن الصعوبات والمعوقات التي لا تكون مرتبطة بأحـد أطراف الحوار، وإنما تتعلق بالجـو المحيط بالمحاورة، أو بالمصطلحات والمفاهيم التي يتم استعمالها، أو باختلاف العقليات والأفكار التي يتم تبادلها. وتشمل هـذه المعوقات الضوضاء والتشويش، وتباين المفاهيم، واختلاف الأجيال.

1- الضوضاء والتشويش

ويحصل الضوضاء بسبب قاعة المحاورة أو من قبل الأشخاص القائمين فيها، أو من خلال تدخلات خارجية تؤثر على سير المحاورة، فقد يعمد بعض الحاضرين من الجهلة أو المتنفذين إلى إيقاف عملية الحوار السـياسي أو الاجتماعي لأسباب واهية أو لحجج غير منطقية، وربما تكون قاعة الحوار غير مهيأة بشكل صحيح لإقامة المحاورة فيها بسبب خلل في جهاز المذياع أو أجهزة التصوير، أو بسبب تأثير أجهزة جانبية أخرى كالتكييف مثلا.. وقد يحصل الضوضاء والتشويش من جراء تحدث أحد المحاورين مع شخص آخر لا علاقة له بموضوع المحاورة أو الاتصال به هـاتفيا، مما يؤثر سلبا على عملية استمرار الحوار.

ومما لا شك فيه، فإن وجود واحد من الأسباب التي ذكرناها أو غيرها من عوامل التشويش والضوضاء يعد معوقا من معوقات الحوار ويؤثر على العملية الحوارية تأثيرا مباشرا. [ ص: 95 ]

2- تباين المفاهيم

يتطلب الحـوار أن يقوم كل طرف بتحديد مفاهيمه قبل الدخول في صلب المحاورة وجوهرها، لغرض أن يعرف الطرفان أسلوب تفكير بعضهما والغايات الفكرية والعلمية التي يسعى إليها.

إن لكل علم مفاهيمه الخاصة به، ولكل فن مصطلحاته المميزة، ومن هـنا فإن كل مصطلح يختلف مضمونه من علم لآخر، يضاف إلى ذلك أن بعض الباحثين يلتزم معاني خاصة ومفاهيم محددة لبعض المصطلحات، لذلك فإن مجموع هـذه المداخلات تتطلب أن يقوم كل طرف بتحديد مفاهيمه ومصطلحاته حتى لا يكون التباين في ذلك مؤثرا سلبيا على سير عملية الحوار واستمرارها.

3- اختلاف الأجيال

إذا اسـتند الحوار إلى أسس موضوعية، وجرى الالتزام فيه بأخلاقيات الحوار العلمي وآدابه، كان ذلك الحوار مفيدا ونافعا لجميع الأجيال والمستويات الثقافية، حيث يزداد كل جيل منه معرفة ومعلومات وخبرات، أما إذا كان حوارا منعزلا قائما على تبادل الاتهامات، وعدم الشعور بالمسئولية، فإن هـذا الحوار لن يتعدى مجال الاتهامات التي سيكون من الصعوبة التغلب عليها وتجاوزها.

إن تباين عقلية الأجيال واختلاف مصالحها وتباعد فلسفاتها نحو الحياة يجعل من الحوار بينها وكأنه معركة بين متحاربين، كل منهم يحاول إخماد أنفاس الآخر والتغلب عليه، وهذا أمر يعني أن الحوار بات في بؤرة خانقة ومناخ سـقيم لا يستطيع بناء تواصل علمي ومنطقي سليم. [ ص: 96 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية