الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          حقوق الإنسان في ضوء الحديث النبوي

          الأستاذ / يسري محمد أرشد

          المبحث الثاني: الضمانة القانونية

          إضافة إلى عنصري الدين والأخلاق، شمل الإسلام نظاما قانونيا كاملا، وهو العنصر الثالث الذي يكمل به وصف الإسلام على صورته التامة ويسهم في إنجاز هـدفه الكبير كنظام شامل للمجتمع وشريعة موجهة له.

          وهذا ما يبرز الصفة الاجتماعية للإسلام، إذ تتداخل أسسه الروحية مع قواعده التشريعية العملية، لتجعل منه نظاما تشريعيا إنسانيا يتعاون فيه الوازع الديني الخلقي مع الوازع القانوني الشرعي، وتترابط فيه مبادئ الإحسان بمبادئ العدل، وتتأثر هـذه فيما بينها جميعا تأثرا متبادلا واضحا. ومن أهم أدلة هـذا التأثر والتأثير تقييد الحقوق الفردية بحقوق المجتمع والمصلحة العامة، وتكفل أحكام الشرع بالإحسان والعدالة الاجتماعية.

          فتعاليم الإسلام الدينية والأخلاقية والقانونية، بالنظر إلى وحدة مصادرها، كانت موضوع علم أصلي واحد اسمه الشريعة. وهذا العلم الأساسي تفرع إلى أقسام علمية عديدة دعيت بالعلوم الشرعية [1] .

          ومن أهم هـذه العلوم الشرعية علمان: الأصول والفروع، فالأول يبحث في مصادر التشريع وأدلته. وأما علم الفروع أو علم الفقه فيبحث في الأحكام الشرعية الفرعية المكتسبة من أدلتها التفصيلية. وقد شمل هـذا العلم، إلى جانب أحكام العبادات وقواعد الأخلاق، أحكام المعاملات القانونية أيضا [2] . [ ص: 155 ] وقسم الأحكام القانونية يقسم بدوره إلى أقسام عديدة، وهي قسم العقوبات، وقسم الأحوال الشخصية، وقسم المعاملات من الأموال والعقود والالتزامات، وقسم المخاصمات وأصول المحاكمات، وقسم الأحكام السلطانية أو القانون العام، وقسم القانون الدولي.

          وتحقيقا لهذه الأحكام القانونية وتأكيدا لفاعليتها تقررت وسائل متعددة لضمان تنفيذها، من هـذه الوسائل ما هـو داخلي يتصل بضمير الإنسان وعقيدته لتكون حارسة على المشروعية، إذ أن الإسلام يخاطب ضمير الإنسان ويستثير وجدانه، فيجعل بذلك رقيبا على أعماله. ( فعن أم سلمة ، رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار ) [3] .

          ومنها ما هـو خارجي تقوم به هـيئات يناط بها الرقابة الشرعية، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

          وسنقتصر في هـذا السياق على هـيئة القضاء والتقاضي، كجهة منوط بعهدتها ضمان حفظ الحقوق بقوة القانون، وذلك من خلال ما يأتي:

          - السلطة القضائية واستقلاليتها.

          - مكانة القضاء والقضاة في الحديث النبوي.

          - حقوق الإنسان أمام القضاء في الحديث النبوي. [ ص: 156 ]

          التالي السابق


          الخدمات العلمية