المبحث الثالث
نماذج من العناصر النخبوية النسوية في السنة
- تمهيد:
إن قضية الاحتجاج بالسنة النبوية قضية محسومة لا تحتاج إلى الحجة والبرهان للدلالة على ضرورتها، فالله تعالى وعد بحفظ هذا الذكر ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) (الحجر:9) ، وحفظ الدين مرتبط بحفظ سنة النبي، عليه الصلاة والسلام، باعتبار السنة شـارحة لعـام النص القرآني، سـواء بالتفصيل أو التخصيص، أما ابتداؤها بالتشريع فمختلف حوله، والامتثـال لأوامر ونواهي رسول الله صلى الله عليه وسلم هو التأسي بعينه لتحقيق معنى العبودية لله تعالى.
التأسي لغة: من تأسى (تأسى، يتأسى، تأسيا) تأسى به اتبع فعله واقتدى به ويقال: أسوت فلانا إذا جعلته أسوته [1] . والتأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم هو الاقتداء [ ص: 70 ] بمنهجه في الحياة في مجالاتها كلها، فكل مالم ينه عنه فهو إقرار منه بإباحته. فكيف بما ساهم في إعداده، فذاك أولى بالحرص على الأخذ به.
بعد أن طهر النبي صلى الله عليه وسلم المجتمع من النخب الفاسدة التي استعبدت العامة من الناس وسلبتهم كل حقوقهم، تلك النخب التي استغلت عبادة الأصنام لاستعباد العباد، قام بإعداد نخبة من الصحابة والصحابيات لتولي مهمة تسيير حركة التغيير في المجتمع في أثناء وجوده وبعد مماته؛ نخبة علمها أن الانتماء إلى النخبة هو تشريف على قدر التكليف.
وفي إطـار إعـداد هذه النخبة تولى العناية بالتأسيس لموقع المرأة في الوسط النخبوي، فقام بتربية وتوجيه نخبة من النساء اللواتي حملن مع إخوانهن مسـؤولية تسيـير المجتمع وتقرير مصيره في المجالات كلها. لكن ضمن ظروف وضوابط تحفظ للمرأة كرامتها وتحميها من الاختلاط غير المشروع. وقبل الحديث عنهن يجـدر بنا الوقوف عند دراسة المجتمع النبوي نفسه لنكتشف الموقـع الذي احتلته هذه العناصر النسوية النخبوية في الوسط النخبوي لهذا المجتمع. [ ص: 71 ]