خاتمة
الآن وقد طال بنا الحديث، وآن له أن يتوقف، ما الذي يمكن أن نخرج به من هذه المقاربة؟ وما الذي أراد بن نبي تأكيده؟
يمكننا أن نجمل ذلك في النقاط التالية:
1- أن الديمقراطية لا يمكن أن تستنسخ آليا، وإنما هي مشروع تثقيفي يمس الجوانب النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
2- أن جوهر الديمقراطية هو الإنسان، وأن أبرز خاصية تبنى عليها الديمقراطية هي الحرية.
3- أن الحرية، التي هي في النهاية جوهر البناء الديمقراطي، لها اتجاهان: نحو ذات الإنسان بأن يتخلص من الشعور بالذلة والعبودية، ونحو الآخرين بأن لا ننظر إليهم نظرة إذلال واستعباد، أي أن الحرية تشمل الحاكم والمحكوم معا.
4- أن الشعور بالحرية، لا ينشئه نص دستوري، ولا إجراءات قانونية، وإنما هو نتيجة حركة واعية تنقل الإنسان من مرتبة (الشيء) إلى مرتبة (الإنسان الحر). [ ص: 89 ]
5- أن الديمقراطية ليست بديلا عن الإسلام [1] ، بل الإسلام في جوهره يضع الأسس السليمة لنموذج ديمقراطي، أساسه الإنسان المكرم، الذي تحفظ حقوقه الاجتماعية، كما تصان حقوقه السياسية.
6- أن البناء الديمقراطي ليس شعارات ترفع، ولا تمسكا ظاهريا بالآليات، وإنما هو تحقيق لشروط موضوعية نابعة من ظروف المجتمع وامتداده الحضاري.
7- أن التعامل المنهجي والتحليل العلمي، هو الكفيل معرفيا بإيصالنا إلى اكتشاف الصواب، سواء في أفكارنا وطروحاتنا، أو في أفكار الآخرين وطروحاتهم.
وفي الأخير نرجع لنطرح السؤال الذي بدأنا به حديثنا، عن التجاهل الذي تتعرض له أفكار بن نبي وطروحاته، على الرغم من أنها لا تزال - في أغلب جوانبها - قادرة على أن تقدم لنا بعض الإجابات عن أسئلة عديدة في واقعنا الجزائري خصوصا والعربي والإسلامي عموما. [ ص: 90 ]