- النسق والبنية، في دراسة النص:
يبدو أن الاتجاه النسقي في التفكير العلمي، يميل إلى تحليل النص بدلا من الجملة والعبارة في ذاتها، ويميل إلى البحث عن العلل والأسرار وراء الألفاظ والظواهر
[1] . وقد صرح حازم القرطاجني بشيء من هذه الملامح المنهجية في الصناعة البلاغية؛ إذ قال: "فإني رأيت الناس لم يتكلموا إلا في بعض ظواهر ما اشتملت عليه تلك الصناعة، فتجاوزت أنا تلك الظواهر بعد التكلم في جمل مقنعة مما تعلق بها إلى التكلم في كثير من خفايا هذه الصناعة ودقائقها..." [2] .
وعليه، فإن العناية بالنسق والنظام والعلاقات التي تربط أجزاء النص بعضها ببعض، ليست وليدة هذا العصر، عصر اللسانيات والعلوم الإنسانية، ولكنها وجدت من قبل في اهتمامات علماء التفسير وعلوم القرآن، المنهجية [ ص: 32 ] وفي طرق تناولهم للنص القرآني. فجاءت علوم القرآن بوصفها آليات معرفية وضعت في الأصل لإعادة إنتاج النصوص في التراث وقراءة تلك النصوص بها، وهي آليات متكاملة متفاعلة لا تعرف الحدود الفاصلة بينها.