2- جمال الانسجام في النص القرآني في كونه جملة موحدة تقوم على قاعدة التناسق:
بين الأستاذ سيد قطب، رحمه الله، في كتابه "التصوير الفني في القرآن"، أن جمال القرآن الكريم ليس في كونه أجزاء وتفاريق، وإن كان للأجزاء جمال وسحر، ولكن جماله في كونه جملة موحدة تقوم على قاعدة خاصة فيها من التناسق العجيب ما لا يدركه إلا من عرف قيمته وعانى قراءته ومدارسته، ووقف على صميم النسق القرآني الذي هو منبع التأثير والسحر [1] . ولهذا فإن القرآن الكريم حكى لنا من خلال قول الكفار: ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) (فصلت:26)، ما أصيبوا به من ذعر كان يضطرب في نفوسهم، من تأثير القرآن في نفوسهم ونفوس أتباعهم، فهرعوا لتحذير قومهم عندما أحسوا في أعماقهم روعة هزتهم هزا عنيفا، فقالوا مستكبرين متظاهرين بالغلبة والظهور [ ص: 54 ] على سحر القرآن، وهم يخفون العجز: ( وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين ) (الأنفال:31)، ( بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ) (الأنبياء:5).