12- ارتباط الجملة بموضوع السورة، وارتباطها الموضوعي بما تفرق في القرآن:
ومن مظاهر الانسجام أيضا ارتباط الجملة بموضوع السورة، وارتباطها الموضوعي بما تفرق في القرآن [1] :
ومفاده أن يبحث عن ارتباط المعنى المستفاد من جملة قرآنية بما تفرق في القرآن من معان تلتقي لها صلة بذلك المعنى، في موضوع واحد، وعن ارتباطه بالمعاني الأخرى التي اشتملت عليها الآية واشتملت عليها السورة، ومواضع الالتقاء والترابط نسق يكشف عن التناسب بين معاني جمل الآية ووحدة السورة، وإهمال تدبر هذا النسق العظيم وعدم وضعه موضع العناية والاهتمام، يفوت على القارئ المتدبر معاني جمة ووجوها إعجازية جليلة.
وقد يكون للجملة القرآنية التي تحمل معنى عاما أو خاصا شبكة من العلاقات بعدد من جمل السورة، وبعدد آخر من جمل تشاركها في موضوع عام في القرآن كله. فيتعين على المحلل أن يكتشف الروابط الفكرية بين جمل السورة، وإن كانت خافية في اللفظ. من الشواهد على ذلك ما دعاه المؤلف بالتربية المعترضة [2] ، كتربية الله لرسوله بأن لا يعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليه وحيه، ويحسن الاعتراض حينما يراد تحقيق [ ص: 79 ] غرض تربوي، نحو قوله تعالى: ( لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه ) (القيامة:16-19)، فهذا اعتراض بين ما سبق الآية وما جاء بعدها، ولكن مع خفاء وجه المناسبة بين الاعتراض وباقي عناصر السورة ومعانيها، ولكن حين يكتشف الغرض التربوي الذي سيقت من أجله آية الاعتراض، يتضح جمال الانسجام في بيان الآية وموضعها، الذي أثبت لنا هذا التوجيه التربوي في سورة، هي سورة القيامة، حدث فيها حادث التعجل وتحريك اللسان بالقرآن، وقد امتثل الرسول صلى الله عليه وسلم فالتزم بما أمر به، ثم أنزل الله توجيها ثانيا في سورة طه، ولكنه متصل بما قبله وما بعده من الآيات: ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما ) (طه:114)، وليس معترضا بين كلاميين متلازمين.