الفصل الثاني
التأصيل النظري لمفهوم القيادة
- تمهيد:
تتعدد النظـريات والدراسـات في موضوع القيادة، فمن الدراسات ما يعتبر القيادة علما وفنا يمكن أن تدرس وتكتسب سماتها، ومنها ما يرى أن القائد يولد بالفطرة بخصائص وسمات شخصية تؤهله للقيادة، فظاهرة القيادة تجمع بين التركيب السلوكي والنبوغ الفردي.
وتبدو ظاهرة القيادة أكثر أنواع الصور الاجتماعية تعقيدا وتركيبا ورفضا لعملية التحليل في معناها المتداول [1] .
فالظاهرة القيادية ظاهرة اجتماعية، وفردية، ونفسية ونظامية [2] .
وتبين الدراسات أن 2% من الناس يولدون قادة بالفطرة، ولا يحتاجون لمسـاعدة خارجية، وربما نجد في تاريخنا أمثلة لهؤلاء مثل خالد بن الوليد، [ ص: 69 ] وعمرو بن العاص، رضي الله عنهما، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "لا ينبغي لعمرو أن يسير على الأرض إلا أميرا" [3] .
كما أن هنـاك 2% من النـاس لا يصـلحون للقـيـادة ابـتـداء، وذلك إما لضعف في الشخصية أو النفسية، أو لإعاقة بدنية أو فكرية؛ فعن أبي ذر الغفـاري رضي الله عنه أن رسـول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم ) [4] ؛ أي إذا كنت مع شـخص آخر فهو الأمير وليس أنت، مع أن أبا ذر رضي الله عنه من أعلى الصحابة مكانة وفضلا [5] .
إن اكتساب صفة القائد الحقيقي أمر دقيق جدا ويحتاج إلى ملكات فيزيولوجية بارزة تولد مع المرء، وإلى ملكات مكتسبة، يحصل عليها الإنسان من خبرة الحياة والمجتمع، وهذه الملكات تختلف من شخص إلى آخر [6] .
وهناك من يميز بين القيادة والإدارة، في حين بعض النظـريات ترى أن مفهوم القـيادة يتبين من خلال الموقف، ومن خلال القدرة على التأثير في المرؤوسين أو الأتباع. [ ص: 70 ]