[ ص: 211 ] مسألة : بأي شيء ذهب ، من جنون أو إغماء أو سكر من أي شيء سكر . وقالوا هذا إجماع متيقن . وبرهان ذلك أن من ذهب عقله سقط عنه الخطاب ، وإذا كان كذلك فقد بطلت حال طهارته التي كان فيها ، ولولا صحة الإجماع أن حكم جنابته لا يرجع عليه لوجب أن يرجع عليه ، وبالله تعالى التوفيق . الأشياء الموجبة للوضوء ولا يوجب الوضوء غيرها . قال قوم : ذهاب العقل
قال : وليس كما قالوا ، أما دعوى الإجماع فباطل ، وما وجدنا في هذا عن أحد من الصحابة كلمة ولا عن أحد التابعين ، إلا عن ثلاثة نفر : أبو محمد - على أن الطريق إليه واهية إبراهيم النخعي وحماد والحسن فقط ، عن اثنين منهم الوضوء وعن الثالث إيجاب الغسل ، روينا عن عن سعيد بن منصور سويد بن سعيد الحدثاني ، قال وهشيم سويد أخبرنا مغيرة عن إبراهيم ، وقال في المجنون إذا أفاق : يتوضأ عن بعض أصحابه عن هشيم مثله ، ومن طريق إبراهيم عن عبد الرزاق عن معمر حماد بن أبي سليمان قال : إذا أفاق المجنون توضأ وضوءه للصلاة ، ومن طريق عن عبد الرزاق عن هشام بن حسان الحسن البصري قال : إذ أفاق المجنون اغتسل . فأين الإجماع ؟ ليت شعري ؟ فإن قالوا : قسناه على النوم ، قلنا : القياس باطل ، لكن قد وافقتمونا على أنه لا يوجب إحدى الطهارتين وهي الغسل ، فقيسوا على سقوطها سقوط الأخرى وهي الوضوء ، فهذا قياس ، يعارض قياسكم ، والنوم لا يشبه الإغماء ولا الجنون ولا السكر فيقاس عليه ، وقد اتفقوا على أنه لا يبطل إحرامه ولا صيامه ولا شيء من عقوده ، فمن أين لهم إبطال وضوئه بغير نص في ذلك ؟ وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر المشهور الثابت من طريق ، { عائشة أم المؤمنين } . أنه عليه السلام في علته التي مات فيها أراد الخروج للصلاة فأغمي عليه ، فلما أفاق اغتسل ، ولم تذكر وضوءا وإنما كان غسله ليقوى على الخروج فقط