1684 - مسألة : وكل : فقد حرم بيعها وهبتها ورهنها والصدقة بها وقرضها ، ولسيدها وطؤها واستخدامها مدة حياته ، فإذا مات فهي حرة من رأس ماله ، وكل مالها فلها إذا عتقت ، ولسيدها انتزاعه في حياته ، فإن ولدت من غير سيدها بزنا ، أو إكراه ، أو نكاح بجهل : فولدها بمنزلتها إذا أعتقت عتقوا . قال مملوكة حملت من سيدها فأسقطت شيئا يدرى أنه ولد ، أو ولدته : اختلف الناس في هذا . فروينا من طريق أبو محمد سعد بن منصور نا أبو عوانة عن المغيرة عن الشعبي عن قال : خطب عبيدة السلماني الناس ، فقال : شاورني علي في أمهات الأولاد ، فرأيت أنا عمر بن الخطاب أن أعتقهن - فقضى به وعمر حياته ، عمر حياته ، فلما وليت رأيت أن أرقهن ، قال وعثمان : فرأي عبيدة ، عمر في الجماعة أحب إلي من رأي وعلي وحده . قال علي : إن كان أحب إلى أبو محمد عبيدة ، فلم يكن أحب إلى ، وإن بين الرجلين لبونا بائنا ، فأين المحتجون بقول الصاحب المشتهر المنتشر وأنه إجماع ، أفيكون اشتهارا أعظم ، وانتشارا أكثر من حكم علي بن أبي طالب باقي خلافته ، عمر جميع خلافته ، في أمر فاش عام ، ظاهر مطبق ، وعثمان موافق لهما على ذلك وعلي
[ ص: 213 ] وقد روينا عن نا وكيع عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل قال : باع زيد بن وهب أمهات الأولاد ثم ردهن حتى ردهن حبالى من تستر - فلا سبيل إلى أن يفشو حكم أكثر من هذا الفشو بمثل هذا الحكم المعلن والأسانيد المثيرة ، ثم لم ير عمر ذلك إجماعا ، بل خالفه فإن كان ذلك إجماعا فعلى أصول هؤلاء الجهال قد خالف علي بن أبي طالب الإجماع . وحاشا له من ذلك ، علي كافر ، ثم لا يستحبون دعوى الإجماع على ما لم يصح قط عن فمخالف الإجماع عالما بأنه إجماع من أنه فرض في الخمر ثمانين حدا والخلاف فيه من عمر وممن بعد عمر أشهر من الشمس . ومن طريق عمر عن عبد الرزاق أخبرني ابن جريج أنه سمع أبو الزبير يقول : { جابر بن عبد الله } . قال كنا نبيع أمهات الأولاد - ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حي فينا - لا نرى بذلك بأسا : وأخبرني ابن جريج عبد الرحمن بن الوليد أن أخبره أن أبا إسحاق السبيعي كان يبيع أمهات الأولاد في إمارته أبا بكر الصديق في نصف إمارته ، وذكر الحديث . قال وعمر : وأخبرني ابن جريج أنه بلغه أن عطاء كتب في عهده : إني تركت تسع عشرة سرية فأيتهن ما كانت ذات ولد قومت في حصة ولدها بميراثه مني وأيتهن لم تكن ذات ولد فهي حرة ؟ فسألت علي بن أبي طالب محمد بن علي بن الحسين بن علي : أذلك في عهد ؟ قال : نعم . ومن طريق علي الخشني محمد بن عبد السلام نا محمد بن بشار بندار نا نا محمد بن جعفر غندر عن شعبة عن الحكم بن عتيبة قال : انطلقت إلى زيد بن وهب أسأله عن أم الولد ؟ قال : مالك ، إن شئت بعت وإن شئت وهبت . ثم انطلقت إلى عمر بن الخطاب فإذا معه رجلان فسألاه ؟ فقال لأحدهما من أقرأك ؟ قال : أقرأنيها ابن مسعود أبو عمرة ، وأبو حكيم المزني ، وقال الآخر : أقرأنيها ، فبكى عمر بن الخطاب وقال : أقرأكما ؟ أقرأك ابن مسعود ؟ فإنه كان حصنا حصينا يدخل الناس فيه ولا يخرجون منه ؟ فلما أصيب عمر انثلم الحصن ، فخرج الناس من الإسلام قال عمر زيد : وسألته عن أم الولد ؟ فقال : تعتق من نصيب ولدها .
[ ص: 214 ] قال : هذا إسناد في غاية الصحة ، وبعد موت أبو محمد كما ترى ، فأين مدعو الإجماع في أقل من هذا ؟ نعم ، وفيما لا خير فيه مما لا يصح عمر
ومن طريق عن عبد الرزاق نا ابن جريج أن عطاء بن أبي رباح أقام ابن الزبير أم حيي أم ولد محمد بن صهيب يقال لابنها : ، فأقامها خالد في مال ولدها وجعلها في نصيبه . قال ابن الزبير : وقال عطاء : لا تعتق أم الولد حتى يلفظ سيدها بعتقها - وهو قول ابن عباس . وبه يقول زيد بن ثابت ، أبو سليمان ، وجماعة من أصحابنا . وعن وأبو بكر قول آخر . رويناه من طريق عمر عن ابن سيرين أبي العجفاء هرم بن نسيب ، ومالك بن عامر الهمداني ، كلاهما عن في أم الولد ؟ قال : إذا عفت وأسلمت عتقت ، وإن كفرت وفجرت أرقت . وروي هذا أيضا : عن عمر بن الخطاب أنه باع أم ولد ارتدت - وتوقف فيها عمر بن عبد العزيز أبو الحسن بن المغلس ، وبعض أصحابنا . وروي إبطال بيعها عن الشعبي ، ، والنخعي ، وعطاء ، ومجاهد والحسن ، ، وسالم بن عبد الله ، ويحيى بن سعيد الأنصاري والزهري ، ، وأبي الزناد . وهو قول وربيعة ، أبي حنيفة ، ومالك وسفيان ، والأوزاعي ، والحسن بن حي ، وابن شبرمة ، والشافعي ، وأبي عبيد ، وأحمد وإسحاق ، وأبي عبد الله بن سالار ، وطائفة من أصحابنا . قال : أما حديث أبو محمد فلا حجة فيه وإن كان غاية في صحة السند ; لأنه ليس فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم بذلك - ولقد كان يلزم من يرى مسندا قول جابر : { أبي سعيد الخدري } ، وقول كنا نخرج - ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي - صدقة الفطر صاعا من طعام ، صاعا من شعير ، صاعا من تمر ، صاعا من أقط ، صاعا من زبيب : كنا ورسول [ ص: 215 ] الله صلى الله عليه وسلم حي نقول : ابن عمر ، ثم أبو بكر ، ثم عمر ، ثم نترك فلا نفاضل - ويرى هذا حجة . أن يرى قول عثمان هذا حجة ، وإلا فهو متلاعب . قال جابر : وأما من دون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا حجة في أحد دونه عليه الصلاة والسلام فنظرنا : هل صح عنه عليه الصلاة والسلام في ذلك منع فنقف عنده ، وإلا فلا ؟ فوجدنا ما روينا من طريق أبو محمد نا قاسم بن أصبغ مصعب بن محمد نا عبيد الله بن عمر - هو الرقي - عن عن عبد الكريم الجزري عكرمة عن قال { ابن عباس مارية إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعتقها ولدها } فهذا خبر جيد السند كل رواته ثقة . : لما ولدت
وسمعنا الله تعالى يقول : { إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه } وأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما روينا في المسألة السادسة في صدر " كتاب العتق " من ديواننا هذا : أن الإنسان يخلقه الله تعالى من مني أبيه ومني أمه ، فصح أنه بعضها وبعض أبيه .
وروينا من طريق نا ابن أيمن نا عبد الله بن أحمد بن حنبل أبو سعيد مولى بني هاشم - هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد - نا عن همام بن يحيى عن قتادة أبي المليح عن أبيه - هو أبو أسامة بن عمير - قال : أعتق رجل من هذيل شقصا له من مملوك ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم { } . ولما كان الولد بعض أبيه وبعض أمه ، وصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم { هو حر كله ليس لله شريك } فوجب أن يعتق على أبيه ، وأن لا يملكه أحد ، فلما وجب ذلك وجب أن بعضها حر ، وإذ بعضها حر فكلها حر . ولما لم يبن عليه الصلاة والسلام : من ملك ذا رحم محرمة فهو حر أم إبراهيم رضي الله عنها عن نفسه ولم يزل يستبيحها بعد الولادة صح أنها باقية على إباحة الوطء والتصرف ، قال الله تعالى { : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } . [ ص: 216 ] وصح أن العتق المذكور في أم الولد لا يمنع إلا من إخراجها عن الملك فقط ، وهذا برهان ضروري قاطع - ولله تعالى الحمد - إلا أنه لا يسوغ للحنفيين الاحتجاج به ; لأن من أصولهم الفاسدة : أن من روى خبرا ثم خالفه فهو دليل على سقوط ذلك الخبر - هو راوي خبر وابن عباس أم إبراهيم عليها السلام - وهو يرى بيع أمهات الأولاد . فقد ترك ما روى ، وما يثبت على أصولهم الفاسدة دليل على المنع من بيعهن ; لأن ، عليا ، وابن الزبير ، وابن عباس بعد وابن مسعود : أباحوا بيعهن ، وكل ما موهوا به هاهنا فكذب ابتدعوه . وأما قولنا : إنها يحرم إخراجها عن ملكه إلى ملك غيره ، مما يدرى أنه ولد ، فإن النص من القرآن والسنة ورد بأنه أول ما يكون نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظاما مكسوة لحما ، ثم ينفخ فيه الروح . والنطفة : اسم يقع على الماء ، فالنطفة ليست ولدا ، ولا فرق بين وقوع النطفة في الرحم وخروجها إثر ذلك ، وبين خروجها كذلك إلى أربعين يوما - ما دامت نطفة - فإذا خرجت عن أن تكون نطفة إلى أن تكون علقة ، فهي حينئذ ولد مخلق . وقال تعالى { عمر : من مضغة مخلقة وغير مخلقة } فغير " المخلقة " هي التي لم تنتقل عن أن تكون نطفة ، ولا خلق منها ولد بعد ، " والمخلقة " هي المنتقلة عن اسم " النطفة " وحدها وصفتها إلى أن خلقها عز وجل " علقة " كما في القرآن ، فهي حينئذ ولد مخلق ، فهي بسقوطه أو ببقائه : أو ولد - وهذا نص بين - وبالله تعالى التوفيق .
وأما انتزاعه مالها - صحيحا كان أو مريضا - فلقول الله تعالى { : والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } وأم الولد ليست زوجة بلا خلاف ، فهي ضرورة مما ملكت أيماننا ، فلنا أخذ ما ملكت أيماننا . فإن قيل : كيف تكون معتقة حرة مما ملكت أيماننا ؟ قلنا : كما نص الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام على ذلك ، لا كما اشتهت العقول الفاسدة ، والشارعة بآرائها الزائفة ، ولا علم لنا إلا ما علمنا ربنا عز وجل ، وقد قلتم : إن المكاتب لا عبد فيبتاع ويستخدم ، ولا توطأ المكاتبة ، وعبد في [ ص: 217 ] جميع أحكامه ، ولا حرة فتطلق ، وحرة في المنع من بيعها ووطئها ، فأي فرق بين ما قلتموه بآرائكم فجوزتموه ، فلما وجدتموه لله تعالى ولرسوله عليه الصلاة والسلام أنكرتموه ، ألا هذا هو الهوس المهلك في العاجلة والآجلة ؟
وأما ولدها من غير سيدها فهو كما قلنا في أول أمره بعضها ، فحكمه كحكمها ، وصح بما ذكرنا أنها لا يحرم بيعها إلا بأن تكون في حين أول حملها في ملك من لا يحل له تملك ولده ، وكذلك لو حملت منه وهي زوجة له ملك لغيره ، ثم ملكها قبل أن يصير الولد حيا ، فإنها أم ولد لما ذكرناه ، فأما لو لم يملكها إلا من نفخ الروح فيه ، فصار غيرها ، فلم يكن بعضها حرا قط ، فلا حرية لها ، وله بيعها ، فلو باعها والذي في رحمها نطفة بعد فإنه إن خرجت عن رحمها - وهي نطفة بعد - فهو بيع صحيح ; لأنها نطفة غير مخلقة ، فإن صارت مضغة فالبيع فاسد مردود ; لأنه باعها وبعضها مضغة مخلقة في علم الله تعالى منه ، فهي من أول وقوعها إلى خروجها ولد فهي أم ولد - وبالله تعالى التوفيق .