[ ص: 265 ] مسألة : إن ترك شيئا من المال ، قل أو كثر : ديون الله تعالى ، إن كان عليه منها شيء : كالحج ، والزكاة ، والكفارات ، ونحو ذلك ، ثم إن بقي شيء أخرج منه ديون الغرماء إن كان عليه دين فإن فضل شيء كفن منه الميت ، وإن لم يفضل منه شيء كان كفنه على من حضر من الغرماء ، أو غيرهم - فإن فضل بعد الكفن شيء : نفذت وصية الميت في ثلث ما بقي ، ويكون للورثة ما بقي بعد الوصية . أول ما يخرج مما تركه الميت
برهان ذلك قول الله تعالى في آيات المواريث : { من بعد وصية يوصي بها أو دين } ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( { فدين الله أحق أن يقضى ، اقضوا الله فهو أحق بالوفاء } ) وقد ذكرنا ذلك بأسانيده في " كتاب الصيام ، والزكاة ، والحج " من ديواننا هذا ، فأغنى عن إعادته فالآية تعم ديون الله تعالى وديون الخلق ، والسنن الثابتة بينت أن دين الله تعالى مقدم على ديون الخلق .
وأما الكفن فقد ذكرناه في " كتاب الجنائز وصح " أن ، حمزة رضي الله عنهما : لم يوجد لهما شيء ، إلا شملة شملة فكفنا فيهما " . والمصعب بن عمير
وقال قوم : . قال الكفن مقدم على الديون : وهذا خطأ ; لأن النص جاء بتقديم الدين كما تلونا ، فإذ قد صار المال كله للغرماء بنص القرآن فمن الظلم أن يخص الغرماء بإخراج الكفن من مالهم دون مال سائر من حضر ، إذ لم يوجب ذلك قرآن ، ولا سنة ، ولا إجماع ، ولا قياس ، ولا نظر ، ولا احتياط ، لكن حكمه أنه لم يترك شيئا أصلا ، ومن لم يترك شيئا فكفنه على كل من حضر من المسلمين ، لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { أبو محمد } فصار إحسان الكفن فرضا على كل من حضر الميت ، فهذا عموم للغرماء وغيرهم ممن حضر . من ولي كفن أخيه أن يحسنه
ولا خلاف في أن الوصية لا تنفذ إلا بعد انتصاف الغرماء ، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [ ص: 266 ] { } فمال الميت قد صار في حقوق الله تعالى ، أو للغرماء بموته - كله أو بعضه - فحرام عليه الحكم في مال غيره ، وإنما ينفذ حكمه في ماله الذي يتخلف ، فصح بهذا أن الوصية فيما يبقى بعد الدين . إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام