1952 - مسألة : . [ ص: 437 ] لا يقع طلاق إلا بلفظ من أحد ثلاثة ألفاظ : إما الطلاق ، وإما السراح ، وإما الفراق
مثل أن يقول : أنت طالق ، أو يقول : مطلقة ، أو قد طلقتك - أو أنت طالقة ، أو أنت الطلاق - أو أنت مسرحة ، أو قد سرحتك ، أو أنت السراح - أو أنت مفارقة ، أو قد فارقتك ، أو أنت الفراق .
هذا كله إذا نوى به الطلاق ، فإن قال في شيء من ذلك كله : لم أنو الطلاق ، صدق في الفتيا ، ولم يصدق في القضاء في الطلاق ، وما تصرف منه ، وصدق في سائر ذلك في القضاء أيضا . [ ص: 438 ]
برهان ذلك : قوله عز وجل : { ثم طلقتموهن }
وقوله تعالى : { فطلقوهن } ، { وللمطلقات متاع }
وقوله تعالى : { وسرحوهن سراحا جميلا } .
وقوله تعالى : { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } .
وقوله تعالى : { فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف } .
{ وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته } .
لم يذكر الله تعالى حل الزوج للزوجة إلا بهذه الألفاظ ، فلا يجوز حل عقدة عقدت بكلمة الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا بما نص الله عز وجل عليه : { ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } .
وأما قولنا : إن نوى مع ذلك الطلاق - فلقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { } . إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى
وأما تفريقنا بين ألفاظ الطلاق ، فلم يوجب أن يراعى قوله فيها : لم أنو الطلاق في القضاء خاصة - وراعينا ذلك في فلأن لفظة " الطلاق " وما تصرف منها لا يقع في اللغة التي خاطبنا الله - عز وجل - بها في أحكام الشريعة إلا على عقد الزواج فقط ، لا معنى آخر ألبتة ، فلا يجوز أن يصدق في دعواه في حكم قد ثبت بالبينة عليه وفي إسقاط حقوق وجبت يقينا للمرأة بالطلاق قبله . ألفاظ " السراح ، والفراق "
وراعينا دعواه تلك في الفتيا ، لأنه قد يريد لفظا آخر فيسبقه لسانه إلى ما لم يرده ، فإذا لم يعرف ذلك إلا بقوله ، فقوله كله مقبول لا يجوز أخذ بعضه وإسقاط بعضه .
وأما " السراح ، والفراق " فإنهما تقع في اللغة التي بها خاطبنا الله - عز وجل - في شرائعه على حل عقد النكاح ، وعلى معان أخر وقوعا مستويا ليس معنى من تلك المعاني أحق بتلك اللفظة من سائر تلك المعاني ، فيكون : أنت مسرحة ، أي : أنت مسرحة للخروج إذا شئت ، وبقوله قد فارقتك ، وأنت مفارقة ، في شيء مما بينهما ما لم توافقه فيه .
فلما كان ذلك كذلك لم يجز أن يحكم بحل عقد صحيح بكلمة الله عز وجل بغير يقين ما يوجب حلها - وبالله تعالى التوفيق .