; لقول الله تعالى : { والترويح لمن آذاه الحر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } وقوله تعالى : { وما جعل عليكم في الدين من حرج } فلو تروح عبثا بطلت صلاته ؟ .
وروينا عن عن محمد بن المثنى عن محمد بن أبي عدي قال : كان أشعث هو ابن عبد الملك الحمراني الحسن لا يرى بأسا بالترويح في الصلاة ؟ .
وعن : أنه كان يتروح في الصلاة ويمسح العرق ؟ . مجاهد
ومن ذلك إماطته عن كل ما يؤذيه ويشغله عن توفية صلاته حقها : لما ذكرنا ؟ ، وكذلك ، أو قلع بثرة ، أو مس ريق ، أو وضع دواء ، أو رباط منحل : إذا كان كل ذلك يؤذيه فواجب عليه إصلاح شأنه ; ليتفرغ لصلاته ؟ . سقوط ثوب ، أو حك بدن
روينا عن عن عبد الرزاق عن معمر الزهري عن عن أبيه أنه قال : إذا رأى الإنسان في ثوبه دما وهو في الصلاة فانصرف يغسله ؟ أتم ، صلى ما بقي على ما مضى ما لم يتكلم ؟ . سالم بن عبد الله بن عمر
قال : وما لم ينحرف عن القبلة عامدا ؟ ، وروينا عن علي : أنه كان لا يتحرك في صلاته إلا أن يصلح ثوبا أو يحك جلدا . علي بن أبي طالب
وأما . من استرخى ثوبه حتى مس كعبه ففرض عليه أن يرفعه ; لئلا يصلي مسبلا [ ص: 128 ] عامدا فتبطل صلاته ؟
- : لما حدثناه عن وحت النخامة من حائط المسجد الذي في قبلته عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا ثنا البخاري قتيبة بن سعد ثنا - عن الليث هو ابن سعد عن نافع قال : { ابن عمر } . رأى النبي صلى الله عليه وسلم نخامة في قبلة المسجد وهو يصلي بين يدي الناس فحتها ثم قال حين انصرف : إن أحدكم إذا كان في الصلاة فإن الله تعالى قبل وجهه ، فلا يتنخمن أحدكم قبل وجهه في الصلاة
; لما حدثناه وقتل الحية ، والعقرب ، والغراب ، والحدأة ، والكلب العقور ، والفأر ، والوزغ - صغارها وكبارها - : مباح في الصلاة ؟ عبد الله بن ربيع ثنا ثنا محمد بن إسحاق ثنا ابن الأعرابي أبو داود ثنا ثنا مسلم بن إبراهيم علي بن المبارك ثنا عن يحيى بن أبي كثير ضمضم بن جوس عن قال : قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم { أبي هريرة } . اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية ، والعقرب
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا شيبان بن فروخ أبو عوانة عن زيد بن جبير قال : { : ما يقتل المحرم من الدواب ؟ فقال ابن عمر : حدثتني إحدى نسوة النبي عليه السلام أنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بقتل الكلب العقور ، والفأرة ، [ ص: 129 ] والعقرب ، والحديا والغراب ، والحية قال : وفي الصلاة أيضا ؟ ابن عمر } . سأل رجل
قال : كل نساء النبي صلى الله عليه وسلم ثقات فواضل عند الله عز وجل مقدسات بيقين ، ولا يمكن ألبتة أن يغيب على علي علمهن ولا علم واحدة منهن . ابن عمر
فإن ؟ فوجب عليه دفعهن عن نفسه . تأذى بوزغة ، أو برغوث ، أو قمل
فإن كان في دفعه قتلهن دون تكلف عمل شاغل عن الصلاة فلا حرج في ذلك ; لأننا قد روينا عنه صلى الله عليه وسلم الأمر بقتل الوزغ من طريق ، أبي هريرة ، وسعد بن أبي وقاص . وأم شريك
ولا يجوز له ، ولا أن يشتغل بربط برغوث ، أو قملة في ثوبه ; إذ لا ضرورة إلى ذلك ; ولا جاء النص بإباحته ، ولا طلب قتل من لم يؤمر بقتله فيها ; لقوله صلى الله عليه وسلم { التفلي في الصلاة } ؟ . إن في الصلاة لشغلا
ولو ومن خطر عليه مسكين فخشي فوته فله أن يناوله صدقة وهو يصلي ؟ فله أن يحصنهما ويزيلهما عن مكان الخوف ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال ؟ . خشي على نعليه أو خفيه مطرا أو أذى أو سرقة
ولو فليشر له إليه ، أو ليناوله إياه ; لأنها أمانة تؤدى إلى أهلها ، قال عز وجل : { كان بحضرته أو عنده شيء فطلبه صاحبه إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } ، وإنما هذا إذا خشي ضياع الشيء أو فوت صاحبه ; فإذا لم يخش ذلك فلا [ ص: 130 ] يفعل ; إلا حتى يتم الصلاة ؟ .
فذلك جائز ; لأنه كله قيام ، ومن صف قدميه أو راوح بينهما ، فإن كان من شدة مرض غالب لا يقدر منه على أكثر ; فلا شيء عليه ; رحمه الله تعالى : { ومن أن في صلاته وما جعل عليكم في الدين من حرج } فإن تعمده لغير ضرورة بطلت صلاته ، لأنه لم يأت النص بإباحته ؟ .
- : فذلك جائز له . ومن صلى ، وفي فمه - : دينار ، أو درهم ، أو لؤلؤة ، أو في كمه - : حرير ، أو ذهب ، أو غير ذلك مما عليه حفظه
- : حق واجب على المصلي ، فإن وافق ذلك موت المار دون تعمد من المصلي لقتله : فهو هدر ، ولا دية فيه ، ولا قود ، ولا كفارة ؟ . ودفع المار بين يدي المصلي وسترته ومقاتلته إن أبى
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا شيبان بن فروخ ثنا سليمان بن المغيرة ابن هلال يعني حميدا - قال : قال لي { أبو صالح السمان : بينما أنا مع أبي سعيد الخدري يصلي يوم الجمعة إلى شيء يستره من الناس إذ جاء رجل شاب من بني أبي معيط أراد أن يجتاز بين يديه فدفع في نحره ، فنظر فلم يجد مساغا إلا بين يدي أبي سعيد ; فعاد فدفع في نحره أشد من الدفعة الأولى ، فمثل قائما فنال من أبي سعيد ; ثم زاحم الناس فخرج ، فدخل على مروان فشكا إليه ما لقي ، ودخل أبو سعيد على مروان فقال له مروان : ما لك ولابن أخيك ؟ جاء يشكوك فقال أبو سعيد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن [ ص: 131 ] يجتاز بين يديه فليدفع في نحره ; فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان } .
فإن ذكروا قول : بلغني أن رجلا جاء إلى مالك برجل كسر أنفه ، فقال : مر بين يدي في الصلاة ، وقد بلغني ما سمعت في المار بين يدي المصلي فقال له عثمان بن عفان : فما صنعت أشد يا ابن أخي ضيعت الصلاة ، وكسرت أنفه . عثمان
قال : هذا بلاغ لا يصح ; ولو صح لما كان إلا على المخالف ، لأنه ليس فيه أن علي رضي الله عنه أقاد من كسر أنفه ، وحتى لو كان ذلك فيه لما كان في قول أحد حجة دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى مقاتلته وضربه عثمان بن عفان أبو سعيد الخدري وغيره ؟ .
جائز ؟ . وحمل المصلي صغيرا على عنقه [ أوالسجود به ] إذا دعت إلى حمله حاجة
[ ص: 132 ] حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج محمد بن أبي عمر ثنا - عن سفيان هو ابن عيينة عثمان بن أبي سليمان ، ومحمد بن عجلان سمعا يحدث عن عامر بن عبد الله بن الزبير عمرو بن سليم الزرقي عن { قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس أبي قتادة الأنصاري ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على عاتقه ، فإذا ركع وضعها ، وإذا رفع من السجود أعادها وأمامة بنت أبي العاص وهي بنت زينب } ؟ .
حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا ثنا محمد بن إسحاق ثنا ابن الأعرابي أبو داود ثنا يحيى بن خلف ثنا عبد الأعلى ثنا - عن محمد يعني ابن إسحاق سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عمرو بن سليم الزرقي عن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبي قتادة للصلاة إذ خرج علينا بلال - بنت ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم - على عاتقه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصلاه ، فقمنا خلفه ، وهي في مكانها الذي هي فيه ، فكبر ؟ فكبرنا ، حتى إذا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركع أخذها فوضعها ثم ركع وسجد ، حتى إذا فرغ من سجوده وقام أخذها فردها في مكانها ; فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك في كل ركعة حتى فرغ من صلاته وأمامة بنت أبي العاص } . بينما نحن ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر أو العصر ، وقد دعاه
وبهذا يقول ، الشافعي ، وهذان الحديثان يثبتان كذب من خالفهما ، وادعى أنه كان في نافلة ، وكل ما [ ص: 133 ] فعله عليه السلام فهو غاية الخشوع ، وكل ما خالفه فهو الباطل ، وإن ظنه المخطئ خشوعا . وأبو سليمان
وهذا الخبر بلا شك كان بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { لابن مسعود } ; لأن هذا القول منه عليه السلام كان قبل إن في الصلاة لشغلا بدر ، إثر مجيء من بلاد ابن مسعود الحبشة ; لم ترد زينب المدينة وابنتها إلا بعد بدر ، بالأخبار الثابتة في ذلك ؟ ، فحسن ؟ . ومن ركب على ظهره صغير وهو يصلي فتوقف لذلك
فليرفع رأسه ليستعلم : هل خفي عنه تكبير الإمام أو لا ؟ ; لأنه مأمور باتباع الإمام ; فإن رآه لم يرفع فليعد إلى السجود ; ولا شيء عليه ; لأنه فعل ما أمر به من مراعاة حال الإمام . ومن استراب بتطويل الإمام سجوده
حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا ابن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن سلام الطرسوسي ثنا أنا يزيد بن هارون ثنا جرير بن حازم محمد بن أبي يعقوب البصري عن عن أبيه قال : { عبد الله بن شداد حسنا أو فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى ، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها ، فرفعت رأسي ، فإذا الصبي على ظهره عليه السلام وهو ساجد ; فرجعت إلى سجودي فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال أناس : يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك لم يكن ، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته حسينا } . خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل
[ ص: 134 ] : مباح كل ذلك في الصلاة . وتحريك من خشي المصلي نومه ، وإدارة من كان على اليسار إلى اليمين
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا محمد بن رافع محمد بن أبي فديك أنا الضحاك هو ابن عثمان عن عن مخرمة بن سليمان كريب مولى ابن عباس عن { قال : بت ليلة عند خالتي ابن عباس ، فقلت لها : إذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأيقظيني ; فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت إلى جنبه الأيسر ، فأخذ بيدي فجعلني من شقه الأيمن ، فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني ميمونة بنت الحارث } وذكر باقي الحديث ؟ .
، وقد { ويدعو المصلي في صلاته في سجوده وقيامه وجلوسه بما أحب ، مما ليس معصية ، ويسمي في دعائه من أحب عصية ، ورعل ، وذكوان } . دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على :
{ للوليد بن الوليد ، وعياش بن أبي ربيعة ، وسلمة بن هشام ، يسميهم بأسمائهم } ، وما نهي عليه السلام قط عن هذا ، ولا نهى هو عنه . { ودعا وقال عليه السلام في السجود أخلصوا فيه الدعاء } أو نحو هذا .
وقال : { } ، وسنذكرها بأسانيدها إن شاء الله تعالى في صفة أعمال الصلاة ؟ . ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه
ففرض عليه إنكاره ، ولا تنقطع بذلك صلاته ; لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حق ، وفاعل الحق محسن ، ما لم يمنع من شيء منه نص أو إجماع . وكل منكر رآه المرء في الصلاة
[ ص: 135 ] وقال تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } .
ومن جملة ذلك - : إطفاء النار المشتعلة ، وإنقاذ الصغير ، والمجنون ، والمقعد ، والنائم : من نار ، أو من حنش ، أو سبع ، أو إنسان عاد ; أو من سيل والمحاربة لمن أراد المصلي أو أراد مسلما بظلم ، وشد الأسير الكافر ، أو الظالم - إلا أن يمنع من شيء من ذلك نص أو إجماع ، ومن فرق بين شيء من ذلك فقد أخطأ ، وقال بلا برهان ؟ .
وروينا من طريق : حدثنا البخاري آدم ثنا ثنا { شعبة الأزرق بن قيس قال : كنا بالأهواز نقاتل الحرورية ; فبينما أنا على جرف نهر إذا رجل يصلي ولجام دابته في يده ; فجعلت الدابة تنازعه وجعل يتبعها قال ; فجعل رجل من شعبة وهو أبو برزة الأسلمي الخوارج يقول : اللهم افعل بهذا الشيخ ; فلما انصرف الشيخ قال : إني سمعت قولكم ، وإني غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست غزوات أو سبع غزوات وشهدت تيسيره ، وإني كنت أرجع مع دابتي أحب إلي من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق علي } .
ومن طريق عن عبد الرزاق [ عن معمر الزهري ] عن الأزرق بن قيس أن [ ص: 136 ] خاف على دابته الأسد فمشى إليها ، وهو في الصلاة . أبا برزة الأسلمي
وبه إلى عن معمر : سأله رجل قال : تدخل الشاة بيتي وأنا أصلي فأطأطئ رأسي فآخذ القصبة فأضربها بها ؟ قال قتادة : لا بأس به ؟ . قتادة
ومن طريق : ثنا يحيى بن سعيد القطان سليمان التيمي عن الحسن البصري في القملة يقتلها الرجل في الصلاة .
قال : وكذلك من خاف على ماله أو سرقت نعله أو خفه أو غير ذلك فله أن يتبع السارق فينتزع منه متاعه ؟ . علي
ولا يضر في كل ما ذكرنا ما اضطر من استدبار القبلة وكثرة العمل وقلته ; ما لم يتكلم ; فإن كان إماما أو مأموما فطمع بشيء من إدراك الصلاة بعد تمام حاجته ، أو بانتظار الناس له - : رجع ولا بد ; كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ { كبر ناسيا وهو جنب فذكر فاغتسل ورجع فأتم الصلاة } ، وكما فعل يوم ذي اليدين .
فإن [ أو كان قد ] أتم صلاته حين تمام حاجته في أول مكان تجوز له فيه الصلاة . لم يرج بإدراك شيء من الصلاة ، أو أيقن أن الناس لا ينتظرونه
ولا يحل له أن يخطو خطوة واحدة لغير رجوع إلى الصلاة ; أو لزوال عن مكان لا تجوز فيه الصلاة ؟ .
فلو رجا بصلاة [ في جماعة أخرى أقرب منها فليدخل فيها ; فآخر صلاة ] صلاها أهل الإسلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبإمامين : بدأ أبو بكر وأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن رغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم [ التي أجمع عليها جميع الصحابة رضي الله عنهم ، أولهم [ ص: 137 ] عن آخرهم ، معه عليه السلام ] وقلد رأي من يخطئ مرة ويصيب أخرى - : فما خير له في ذلك ، ونسأل الله العافية والتوفيق لما يرضيه . آمين .
قال : وكل من فرق بين قليل العمل وكثيره فلا سبيل له إلى دليل على ذلك ، ولا بد له ضرورة من أحد أمرين لا ثالث لهما : إما أن يحد في ذلك برأيه حدا فاسدا ليس هو أولى به من غيره بغير ذلك التحديد ، فيحصل على التحكم بالباطل ، وأن يشرع في الدين ما لم يأذن به الله ، وإما أن لا يحد في ذلك حدا ، فيحصل على أقبح الحيرة في أهم أعمال دينه ، وعلى أن لا يدري ما تبطل به صلاته مما لا تبطل به ، وهذا هو الجهل المتعوذ بالله منه ؟ . أبو محمد
ونسأله عن عمل عمل : أهذا مما أبيح في الصلاة ؟ أو مما لم يبح فيها ؟ ولا سبيل إلى وجه ثالث ؟ ، فإن قال : هو مما أبيح فيها - لزمه أن قليله وكثيره : مباح ، وهو قولنا فيما جاء البرهان بإباحته فيها ، وإن قال : هو مما لم يبح فيها - لزمه أن قليله وكثيره : غير مباح فيها ; وهو قولنا فيما لم يأت البرهان بإباحته فيها ؟ .
فإن قالوا : أبيح قليله ولم يبح كثيره ؟ .
قلنا : هذه دعوى كاذبة مفتقرة إلى دليل ، فهاتوا برهانكم على صحة هذه الدعوى أولا ، ثم على بيان حد القليل المباح من الكثير المحظور ; ولا سبيل إلى شيء من ذلك ؟ .
[ ص: 138 ] قال : علي حسن لا يضر الصلاة شيئا - : حدثنا ومشي المصلي إلى فتح الباب للمستفتح حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا أحمد بن محمد البرتتي القاضي ثنا أبو معمر ثنا عبد الوارث ثنا برد أبو العلاء هو ابن سنان - عن الزهري عن عروة قالت : { عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، فأستفتح الباب ، والباب في القبلة ، فيجيء فيفتح الباب ثم يعود في صلاته } .
قال : وحدثناه ابن أيمن أبو بكر بن حماد ثنا مسدد ثنا ثنا بشر بن المفضل عن برد بن سنان الزهري عن عروة عن قالت : { عائشة } . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وعليه باب مغلق فجئت فاستفتحته فمشى ففتح لي ثم رجع إلى مصلاه
قال : ورواه علي قال ثنا يزيد بن زريع ثنا برد الزهري ، يذكره ؟ .
قال : فالمشي لما ذكرنا مباح ، ولم يوقف عليه السلام على مشي من مشى ؟ . علي
جائز ونكرهه ، فإن زاد عامدا بطلت صلاته ؟ . ومسح الحصى في الصلاة مرة واحدة
حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا ثنا محمد بن إسحاق ثنا ابن الأعرابي أبو داود ثنا مسدد ثنا سفيان عن الزهري عن أنه سمع أبي الأحوص يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبا ذر } . إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى
[ ص: 139 ] وبه إلى أبي داود : ثنا ثنا مسلم بن إبراهيم ، عن هشام هو الدستوائي يحيى هو ابن كثير - عن عن أبي سلمة أن النبي قال : { معيقيب } . لا تمسح - يعني الحصى - وأنت تصلي ، فإن كنت لا بد فاعلا فواحدة
قال : فإن احتجوا بهذا في الفرق بين القليل والكثير ؟ . علي
قلنا : هذا في مسح الحصى المنهي عنه جملة ، المستثنى منه الواحدة فقط ; فقولوا لنا : ماذا تقيسون على هذا الخبر ؟ الأعمال المباحة جملة بالنصوص ؟ أم الأعمال المنهي عنها جملة ؟ ولا بد من أحد الأمرين ؟ .
فإن قالوا : بل الأعمال المباحة جملة ؟ .
قلنا : القياس كله باطل ; ثم لو كان القياس حقا لكان هذا منه عين الباطل أول ذلك : أنه قياس المباح على المحظور ، وهذا باطل عند صاحب كل قياس ; لأنه قياس الشيء على ضده ، وإنما القياس عند القائلين به : قياس الشيء على نظيره جملة ، أو على نظيره في العلة التي هي علامة الحكم بزعمهم .
وأيضا : فأنتم تبيحون الخطوتين والثلاث في الصلاة والضربة والضربتين ، وأخذ الماء بإناء من الجابية لمن عليه الحدث في الصلاة ، وهذا أكثر من المرة الواحدة ; فظهر بطلان قياسكم وتحرمون ما زاد على ما ذكرنا .
؟ واستقاء الماء من البئر لمن عليه الحدث في الصلاة ; فلاح أنكم لم تتعلقوا بقياس أصلا ؟ .
فإن قالوا : بل قسنا الأعمال المنهي عنها على هذا الخبر ؟ .
قلنا لهم : فأبيحوا إدخال الإبرة في خياطة الثوب مرة واحدة ; وقدح النار بالزند بضربة واحدة ; وأبيحوا لطمة واحدة للخادم ، ورد مرمى الحائك مرة واحدة ; وقد [ ص: 140 ] الأديم بضربة واحدة ; والتذكية بجرة واحدة - كل ذلك في الصلاة ; وهم لا يقولون بهذا ; فظهر فساد قولهم - ، وبالله تعالى التوفيق .
قال : فإن ذكروا ما روينا من طريق علي عن يعقوب بن عتبة بن الأخنس أبي غطفان عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال { أبي هريرة } . قال التسبيح للرجال - يعني في الصلاة ، والتصفيق للنساء ، من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعدها - يعني في الصلاة أبو داود : هذا الحديث وهم ;
ولو صح لوجب ضمه إلى الأخبار الثابتة التي ذكرنا قبل ; من إشارة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بأن يرد السلام ، وإلى الخادم في أن تستأخر عنه ; وكل ما بالمرء إلى الإشارة به ، وإليه ضرورة ; فتخرج تلك الإشارات بالنصوص التي فيها ، وتبقى كل إشارة لم يأت بإباحتها نص على التحريم ، كالإشارة بالبيع وبالمساومة ، وبماذا عملت ; والاستخبار ; وغير ذلك ; فهذا هو العمل الذي لا يجوز غيره لو صح هذا الخبر - ، وهو قولنا ، ولله الحمد - ; لأن الإشارات أنواع مختلفة ; فما أبيح [ ص: 141 ] منها بالنص كان مباحا ، وما لم يبح منها بالنص كان محرما ; فكيف والحديث لا يصح ؟ ، وبالله تعالى التوفيق .