مسائل من هذا الباب 836 - مسألة : من كان المسجد الحرام وأهل غير حاضرين فلا هدي عليه ولا صوم ; لأن أهله حاضرو له أهل حاضرو المسجد الحرام ، فإن أقام أكثر من أربعة أيام بأهله فمن حج بأهله فتمتع بمكة فأهله حاضرو المسجد الحرام ، وإن لم يقم بها إلا أربعة أيام فأقل فليس أهله حاضري المسجد الحرام فعليه الهدي أو الصوم .
وقد حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهله وجماعة من أصحابه رضي الله عنهم بأهلهم فوجب على من تمتع منهم الهدي أو الصوم ، فصح أن من هذه صفته فليس أهله [ ص: 151 ] حاضري المسجد الحرام ، وإنما أقام [ رسول الله ] عليه السلام بمكة أربعا في حجة الوداع ، ثم رجعنا عن هذا القول إلى أنه إن أقام بأهله بمكة عشرين يوما فأقل فليس ممن أهله حاضرو المسجد الحرام فإن بقي أكثر من عشرين يوما مذ يدخل مكة إلى أن يهل بالحج فهو ممن أهله حاضروا المسجد الحرام ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بتبوك عشرين ليلة يقصر الصلاة .
وإن كان الحرم فتمتع فعليه الهدي أو الصوم ، لأنه ليس ممن أهله حاضروا مكي لا أهل له أصلا ، أو له أهل في غير المسجد الحرام .
والأهل : هم العيال خاصة هاهنا ; لأن كل من حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش فإن أهلهم كانوا بمكة - يعني أقاربهم - فلم يسقط هذا عنهم حكم الهدي أو الصوم الذي على المتمتع - وبالله - تعالى - التوفيق .
وأما قولنا : إن رأس من الغنم أو من الإبل أو من البقر ، أو شرك في بقرة أو ناقة بين عشرة فأقل سواء كانوا متمتعين أو بعضهم ، أو كان فيهم من يريد نصيبه لحما للأكل أو البيع أو لنذر أو لتطوع فلقول الله - تعالى - : { الهدي الواجب على المتمتع فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي } واسم الهدي يقع على الشاة ، والبقرة ، والبدنة .
وروينا عن أنه كان يجيز في ذلك الشاة . ابن مسعود
وعن مثل ذلك . ابن عباس
واختلف فيه عن أم المؤمنين عائشة فروي عنها مثل قول - وروي عنها أيضا ، وعن ابن عباس أنه لا يجزئ في ذلك شاة وأنه إنما في ذلك الناقة أو البقرة . ابن عمر
كما روينا عن عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي الأحوص - عن أبي إسحاق هو السبيعي وبرة بن عبد الرحمن قال : قال لي : صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت إلى أهلك أحب إلي من شاة . ابن عمر
ومن طريق عن حماد بن زيد قال : سمعت غيلان بن جرير يسأل عن هدي المتعة - وهم يذكرون الشاة - فقال ابن عمر : شاة شاة ، ورفع بها صوته ; لا ; بل بقرة ، أو ناقة - وعن ابن عمر مثل قول عروة بن الزبير . ابن عمر
[ ص: 152 ] وروينا عن الترتيب - روينا من طريق طاوس إسماعيل بن إسحاق القاضي نا علي بن عبد الله هو ابن المديني - نا أنا هشام بن يوسف قال : سمعت ابن جريج يزعم عن أبيه أنه كان يقول : بقدر يسار الرجل إن استيسر جزور فجزور ، وإن استيسر بقرة فبقرة ، وإن لم يستيسر إلا شاة فشاة . قال : وكان أبي يفرق بين ما استيسر وتيسر . قال : فإن استيسر على قدر يساره ، وتيسر ما شاء . ابن طاوس
قال : وروينا من طريق أبو محمد نا البخاري أنا إسحاق بن منصور أنا النضر بن شميل نا شعبة - قال : سألت أبو جمرة هو نصر بن عمران الضبعي رضي الله عنهما عن المتعة ؟ فأمرني بها وسألته عن الهدي ؟ فقال : فيها جزور ، أو بقرة ، أو شاة ، أو شرك في دم ; وهكذا رويناه في تفسير هدي المتعة أيضا من طريق ابن عباس الحجاج بن المنهال عن عن حماد بن سلمة عن أبي جمرة ، وبهذا نأخذ . ابن عباس
فأما إجازة الشاة في ذلك فهو قول ، أبي حنيفة ، ومالك : وأما الشرك في الدم فبه يقول والشافعي ، أبو حنيفة ، والشافعي والأوزاعي ، ، وسفيان الثوري ، وأحمد بن حنبل وإسحاق ، ، وأبو ثور ; إلا أن وأبو سليمان قال : لا يجوز الشرك في الدم إلا بأن يكونوا كلهم يريدونه للهدي ، وإن اختلفت أسبابهم . أبا حنيفة
وقال صاحبه : لا يجوز إلا بأن تكون أسبابهم واحدة ، مثل أن يكونوا كلهم متمتعين ، أو كلهم مفتدين ، ونحو هذا . زفر بن الهذيل
وقال ، الشافعي : كما قلنا ، إلا أنهم [ كلهم ] قالوا : لا يجوز أن يشرك فيه أكثر من سبعة . وأبو سليمان
فأما قول : فإنهم احتجوا برواية رويناها من طريق مالك أبي العالية ، ، وسعيد بن جبير ، كلهم عن وابن سيرين . ابن عمر
قال أبو العالية : سمعت يقول : يقولون : البدنة عن سبعة . والبقرة عن سبعة ، ما أعلم النفس تجزئ إلا عن النفس . ابن عمر
وقال عنه أنه قال : ما كنت أشعر أن النفس تجزئ إلا عن النفس [ ص: 153 ] وقال سعيد بن جبير عنه أنه قال : لا أعلم وما يراق عن أكثر من إنسان واحد . ابن سيرين
وهو رأي ; وكره ذلك ابن سيرين الحكم ، وحماد بن أبي سليمان ، ما نعلم لهم شبهة غير هذا - وهذا لا حجة فيه ، لأن قد رجع عن هذا إلى إجازة الاشتراك ، وإنما أخبر هاهنا بأنه لم يعلم بذلك ولا شعر به ، وليس من لم يعلم حجة على من علم حدثنا ابن عمر يوسف بن عبد الله النمري نا عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي القاضي نا إسحاق بن أحمد نا أحمد بن عمرو بن موسى العقيلي نا محمد بن عيسى الهاشمي نا عمرو بن علي نا نا وكيع بن الجراح عريف بن درهم عن عن جبلة بن سحيم قال : الجزور ، والبقرة ، عن سبعة . ابن عمر
قال : إجازته عن ذلك دليل بين على أنه علم بالسنة في ذلك بعد أن لم يكن علمها ، وقد جاء هذا نصا عنه كما روينا من طريق أبو محمد نا ابن أبي شيبة نا ابن نمير عن { مجالد الشعبي قال : قلت : البقرة ، والبعير تجزئ عن سبعة ؟ فقال : وكيف ؟ ألها سبعة أنفس ؟ فقلت له : إن أصحاب لابن عمر محمد صلى الله عليه وسلم الذين بالكوفة أفتوني ; فقال القوم : نعم قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فقال وعمر : ما شعرت ابن عمر } ، فبطل تعلقهم ، ولم يمنع من ذلك بابن عمر حماد ، والحكم ، لكن كرهاه فقط ، فصح أنهما مجيزان لذلك ، وإنما هو رأي لا عن أثر - فبطل أن يكون لهذا القول متعلق أصلا . ابن سيرين
وقد ذكرنا عن آنفا أنه رأى الصوم في التمتع ولم يجز الشاة في ذلك - وروينا من طريق ابن عمر عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري زيد بن جبير قال : سمعت سأل عمن يهدي جملا ؟ فقال : ما رأيت أحدا فعل ذلك . ابن عمر
قال : من الباطل الفاحش أن يكون علي ، أو غيره حجة في مكان غير حجة في [ مكان ] آخر - وروينا من طريق ابن عمر عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري حماد بن أبي سليمان عن قال : كان أصحاب إبراهيم النخعي محمد صلى الله عليه وسلم يقولون : البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة .
وعن عن قتادة كان أصحاب أنس محمد صلى الله عليه وسلم يشركون السبعة في البدنة من الإبل .
[ ص: 154 ] وعن عن سفيان الثوري مسلم القري عن حبة العرني عن قال : البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة . علي بن أبي طالب
وعن عن سفيان الثوري زهير بن أبي ثابت عن سليمان بن زافر العبسي قال : أنا وأمي أخذنا مع من بقرة عن سبعة في الأضحى . حذيفة بن اليمان
وعن عن سفيان الثوري أبي حصين عن عن خالد بن سعد قال : تنحر البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة . أبي مسعود البدري
ومن طريق نا ابن أبي شيبة ابن علية عن سعيد بن أبي عروبة عن عن قتادة عن سليمان بن يسار عائشة أم المؤمنين قالت : البقرة ، والجزور عن سبعة .
وبه إلى عن ابن أبي شيبة ابن فضيل عن عن مسلم إبراهيم النخعي عن علقمة عن قال : البقرة ، والجزور عن سبعة . ابن مسعود
وعن عن يحيى بن سعيد القطان سعيد بن أبي عروبة عن عن قتادة قال : الجزور ، والبقرة عن سبعة . أنس
وصح القول بذلك أيضا عن ، عطاء ، وطاوس وسليمان التيمي ، ، وأبي عثمان النهدي ، والحسن البصري ، وقتادة ، وسالم بن عبد الله بن عمر وعمرو بن دينار ، وغيرهم .
والحجة لهذا القول ما رويناه من طريق عن مالك أبي الزبير المكي عن أنه قال : { جابر بن عبد الله الحديبية البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة } . نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
ومن طريق نا يحيى بن سعيد القطان جعفر بن محمد نا أبي هو محمد بن علي بن الحسين - نا { فذكر حجة النبي صلى الله عليه وسلم وفيها فنحر عليه السلام ثلاثا وستين ، فأعطى جابر بن عبد الله فنحر ما غبر ، وأشركه في هديه عليا } ومن طريق أحمد بن شعيب أنا - نا أبو داود هو الطيالسي نا عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة قيس بن سعد عن عن عطاء بن أبي رباح { جابر بن عبد الله } [ ص: 155 ] قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة : فصح هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو إجماع من الصحابة كما أوردنا - وأما قول من لم يجز ذلك إلا عن سبعة فإنه تعلق بما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة رضي الله عنهم . أبو محمد
فأما الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم فقد اختلفوا - : روينا من طريق أحمد بن شعيب أنا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه - أنا الفضل بن موسى نا الحسين بن واقد عن علياء بن أحمر عن عكرمة عن قال : { ابن عباس } . كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحضر النحر فنحرنا البعير عن عشرة
ومن طريق الحذافي عن نا عبد الرزاق نا معمر قال : قال قتادة : البدنة عن عشرة - : فهذا اختلاف من الصحابة والتابعين ، على أننا إذا تأملنا فعل الصحابة رضي الله عنهم وقولهم في ذلك فإنما هو أن البقرة عن سبعة ، والبدنة عن سبعة ، وهذا قول صحيح ، وليس فيه منع من جوازهما عن أكثر من سبعة . سعيد بن المسيب
وكذلك الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا إنما فيه { } ، وهذا حق ودين ، وليس فيه منع من نحرهما عن أكثر من سبعة ، أو عن أقل من سبعة " . أنه عليه السلام : نحر البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة
وكذلك ما رويناه من طريق أبي داود نا نا موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة قيس بن سعد عن عن عطاء بن أبي رباح : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { جابر بن عبد الله } . البقرة عن سبعة ، والجزور عن سبعة
فنعم ، قال : الحق وقوله الحق ، وليس في هذا منع من جوازهما عن أكثر من سبعة إن جاء برهان بذلك ، وإلا فلا تجوز الزيادة على ذلك بالدعوى .
فنظرنا في ذلك فوجدنا ما رويناه من طريق نا أبي داود السجستاني ، عمرو بن عثمان ومحمد بن مهران الرازي قالا [ جميعا ] : ثنا عن الوليد بن مسلم الأوزاعي عن عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف { أبي هريرة } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح عمن اعتمر من أزواجه بقرة بينهن
[ ص: 156 ] ومن طريق نا البخاري - نا عثمان هو ابن أبي شيبة - عن جرير هو ابن عبد الحميد عن منصور بن المعتمر إبراهيم النخعي عن الأسود عن { رضي الله عنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلا أنه الحج فلما قدمنا تطوفنا عائشة أم المؤمنين بالبيت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من لم يكن ساق الهدي أن يحل فحل من لم يكن ساق الهدي ونساؤه لم يسقن فأحللن } .
قال : كن رضوان الله عليهن تسعا خرجت منهن أبو محمد لأنها لم تحل لكنها أردفت حجا على عمرتها كما جاء في أثر آخر فبقي ثمان لم يسقن الهدي فأحللن كما تسمع ونحر عليه السلام عنهن كلهن بقرة واحدة فهذا عن أكثر من سبعة . عائشة
فإن قيل : قد روي أنه عليه السلام أهدى عن نسائه البقر ؟ قلنا : هذا لفظ رويناه من طريق عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم فذكرت حديثا ، وفيه : { عائشة أم المؤمنين } . فأتينا بلحم ، فقلت : ما هذا ؟ قالوا : أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه البقر
وقد روينا هذا الخبر نفسه عمن هو أحفظ وأضبط من ابن الماجشون عن عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم فبين ما أجمله عائشة أم المؤمنين ابن الماجشون .