الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          898 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          ولا يحل أن يسفك في حرم مكة دم بقصاص أصلا ، ولا أن يقام فيها حد ، ولا يسجن فيها أحد ، فمن وجب عليه شيء من ذلك أخرج عن الحرم وأقيم عليه الحد لما ذكرنا من نهي رسول الله عليه السلام أن يسفك بها دم ، ولقول الله تعالى : { مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا } وهذا عموم لا يجوز أن يخص منه شيء .

                                                                                                                                                                                          وأما إخراج العاصي منه فلقول الله تعالى : { أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود } فتطهيره من العصاة واجب ، وليس هذا في حرم المدينة ، لأنه لم يأت بذلك نص ولا يسمى ذبح الحيوان المتملك ولا الحجامة ، ولا فتح العرق : سفك دم .

                                                                                                                                                                                          روينا من طريق ابن عيينة أنا إبراهيم بن ميسرة - وكان ثقة مأمونا - قال : سمعت طاوسا يقول : سمعت ابن عباس يقول : من أصاب حدا ، ثم دخل الحرم لم يجالس ولم يبايع - وذكر كلاما - وفيه : فإذا خرج أقيم عليه الحد - وهو قول سعيد بن جبير ، والحكم بن عتيبة - وهو قول عمر بن الخطاب . [ ص: 301 ]

                                                                                                                                                                                          ومن طريق ابن جريج قال أبو الزبير : قال ابن عمر : لو وجدت فيه قاتل عمر ما ندهته يعني حرم مكة .

                                                                                                                                                                                          وقال ابن عباس : لو وجدت قاتل أبي في الحرم ما عرضت له .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : فلم يخصوا من أصاب حدا في الحرم ممن أصابه خارج الحرم ; ثم لجأ إلى الحرم - وفرق عطاء ، ومجاهد بينهما .

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق ابن الزبير أنه خرج قوما من الحرم إلى الحل فصلبهم .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق شعبة عن حماد بن أبي سليمان فيمن قتل ، ثم لجأ إلى الحرم ؟ قال : يخرج منه فيقتل .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو حنيفة : تقام الحدود في الحرم إلا القتل وحده فإنه لا يقام فيه حد قتل ولا قود حتى يخرج باختياره .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو يوسف : يخرج فيقام عليه حد القتل .

                                                                                                                                                                                          قال علي : تقسيم أبي حنيفة فاسد وما نعلم لمن أباح القتل في الحرم حجة أصلا ، ولا سلفا ، إلا الحصين بن نمير ، ومن بعثه ، والحجاج ، ومن بعثه .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وأما من تعدي عليه في الحرم فليدفع عن نفسه قال تعالى : { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم } وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية