قال ( وإذا فلا بأس بذلك ) ; لأن بنفس الشراء لا تتعين الأضحية قبل أن يوجبها ، وبعد الإيجاب يجوز بيعها في قول اشترى أضحية ، ثم باعها فاشترى مثلها أبي حنيفة رحمهما الله ويكره ، وفي قول ومحمد رحمه الله لا يجوز لتعلق حق الله تعالى بعينها ، ولكنهما يقولان تعلق حق الله تعالى بها لا يزيل ملكه عنها ، ولا يعجزه عن تسليمها وجواز البيع باعتبار الملك والقدرة على التسليم ألا ترى أنا نجوز بيع مال الزكاة لهذا . أبي يوسف
والأصل فيه ما روي أن { رضي الله عنه ليشتري له شاة للأضحية فاشترى شاة ، ثم باعها بدينارين ، ثم اشترى شاة بدينار وجاء بالشاة والدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك . فقال صلى الله عليه وسلم بارك الله في صفقتك أما الشاة فضح بها وأما الدينار فتصدق به حكيم بن حزام } فقد جوز رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعه بعد ما اشتراها للأضحية ، وإن كانت الثانية شرا من الأولى ، وقد كان أوجب الأولى فتصدق بالفضل فيما بين القيمتين أما جواز الثانية عن الأضحية فلاستجماع شرائط الجواز وأما التصدق فإنه لما أوجب الأولى فقد جعل ذلك القدر من ماله لله تعالى فلا يكون له أن يستفضل شيئا منه لنفسه فيتصدق بفضل القيمة كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي عليه الصلاة والسلام دفع دينارا إلى رضي الله عنه بالتصدق بالدينار . حكيم بن حزام
ومن أصحابنا رحمهم الله من قال هذا إذا كان فقيرا أما إذا كان غنيا ممن يجب عليه الأضحية فليس عليه أن يتصدق بفضل القيمة ; لأن في حق الغني الوجوب عليه بإيجاب الشرع فلا يتعين بتعيينه في هذا المحل ألا ترى أنها لو هلكت بقيت الأضحية عليه . فإذا كان ما يضحي به محلا صالحا لم يلزمه شيء آخر وأما الفقير فليس عليه أضحية شرعا ، وإنما لزمه بالتزامه في هذا المحل بعينه ; ولهذا لو هلكت لم يلزمه شيء آخر . فإذا استفضل لنفسه شيئا مما التزمه كان عليه أن يتصدق به .
قال الشيخ الإمام والأصح عندي أن الجواب فيهما سواء ; لأن الأضحية ، وإن كانت واجبة على الغني في ذمته فهو متمكن من تعيين الواجب في محل فيتعين بتعيينه في هذا المحل من حيث قدر المالية ; لأنه تعيين مقيد ، وإن كان لا يتعين من حيث فراغ الذمة .