قال ( ولو أن رجلا الحرم فذبحه في الحل فعليه جزاؤه ) ; لأنه كان في أخرج صيدا من الحرم آمنا صيدا ، وقد زال ذلك بأخذه وإخراجه وكان مطالبا شرعا بإعادته إلى مأمنه وإرساله فيه ، وقد فوت ذلك بذبحه فعليه الجزاء والتنزه عن أكله أفضل بخلاف ما إذا ذبحه في الحرم فإن ذلك حرام تناوله ; لأنه حين ذبحه كان صيد الحرم ففعله فيه يكون قتلا ، ولا يكون ذكاة وهنا حين ذبحه كان صيد الحل فيكون فعله فيه ذكاة وباعتبار هذا الفعل لا يلزمه الجزاء ، وإنما يلزمه بالأخذ السابق ; فلهذا لا يحرم تناوله إلا أن التنزه عنه أفضل ; لأن تقرر الجزاء عليه بفعل الذبح ، وإن كان الوجوب سبب الأخذ .
فباعتبار هذا المعنى يمكن شبهة فيه ، ولأنا لو أطلقنا له حق التناول تطرق الناس إلى ذلك فيخرجون الصيد من الحرم ويذبحونه في الحل ، وفي ذلك تعليل صيد الحرم فللمنع من هذا قلنا التنزه عن أكله أفضل ، وكذلك إن كان الحرم ، ثم أخرجه إلى الحل ; لأنه حين أدخله صاده أولا في الحل ، ثم أدخله الحرم فقد صار صيد الحرم فهو والمأخوذ في الحرم سواء بدليل وجوب الجزاء عليه ، وهذا عندنا . فأما عند رحمه الله تعالى حرمة الشافعي الحرم لا تظهر في حق صيد مملوك . فإذا ملكه بالأخذ في الحل ، ثم أدخله الحرم لم يثبت له حرمة الحرم ، وعندنا حرمة الحرم في حق الصيد كحرمة الإحرام فكما يحرم عليه بالإحرام إمساك الصيد المملوك ويلزمه إرساله . فكذلك يحرم بسبب الحرم إمساكه ، وقد بينا هذا في المناسك .