الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال ( ولو أن حلالا أخرج صيدا من الحرم إلى الحل فأرسله فصاده حلال فذبحه فلا بأس بأكله ) ; لأنه صيد الحل فإنه بالإرسال قد خرج من يد الذي أخرجه من الحرم فهو والذي خرج بنفسه من الحرم سواء في حل التناول ، ولكن على الذي أخرجه الجزاء ; لأن المستحق عليه شرعا إعادته إلى مأمنه فإنه بالإخراج من الحرم أزال الأمن عنه .

فإذا تلف قبل العود إلى مأمنه تقرر الجزاء عليه لانعدام ما ينسخ فعله بخلاف الأول فإن على المحرم رفع اليد عنه بالإرسال فينفسخ حكم فعله بمجرد إرساله ووزان هذا من ذاك ما لو عاد الصيد إلى الحرم بعد ما أرسله ، ثم أصابه ما أصابه ، وكذلك لو كان الذي أخرجه من الحرم هو الذي صاده بعد ما أرسله فذبحه لم يكن بأكله بأس ; لأنه حلال ذبح صيدا في الحل فهو وغيره في الحالين سواء . قال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله هو وغيره سواء في ذلك إلا أن عليه الجزاء وأبو حنيفة رحمه الله في هذا لا يخالفهما والمعنى فيه أن الحل باعتبار الفعل الثاني ووجوب الجزاء عليه باعتبار فعله الأول وهو إخراجه من الحرم ولم يبق ذلك الإخراج بعد ما أرسله ; فلهذا لا تثبت الحرمة ، ولكن بقاء الفعل غير معتبر في بقاء ما وجب به من الجزاء بخلاف ما إذا ذبحه في الحل قبل أن يرسله ودفعه إلى غيره فذبحه ; لأن تلك اليد باقية حقيقة وحكما ، وإنما تمكن من الذبح باعتبارها ; فلهذا كره أكلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية