ثم - عندنا - وقال الملك لا يثبت في الهبة بالعقد قبل القبض رحمه الله تعالى يثبت ; لأنه عقد تمليك ; فلا يتوقف ثبوت الملك به على القبض كعقد البيع ، بل : أولى ; لأن هناك الحاجة إلى إثبات الملك من الجانبين فمن جانب واحد أولى ، وحجتنا في ذلك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - { مالك : لا تجوز الهبة إلا مقبوضة } معناه : لا يثبت الحكم ، وهو الملك ; إذ الجواز ثابت قبل القبض بالاتفاق ، والصحابة اتفقوا على هذا ; فقد ذكر أقاويلهم في الكتاب ; ولأن هذا عقد تبرع ، فلا يثبت الملك فيه بمجرد القبول كالوصية ، وتأثيره : أن عقد التبرع ضعيف في نفسه ; ولهذا لا يتعلق به صفة اللزوم . والملك الثابت للواهب كان قويا ; فلا يزول بالسبب الضعيف حتى ينضم إليه ما يتأيد به : وهو موته في الوصية ; لكون الموت منافيا لملكه ، وتسليمه في الهبة لإزالة يده عنه بعد إيجاب عقد التمليك لغيره ، يوضحه : أن له في ماله ملك العين وملك اليد . فتبرعه بإزالة ملك العين بالهبة لا يوجب استحقاق ما لم يتبرع به عليه - وهو اليد - . ولو أثبتنا الملك للموهوب له قبل التسليم وجب على الواهب تسليمه إليه ، وذلك يخالف موضوع التبرع - بخلاف المعاوضات - خلافا ، والصدقة كالهبة - عندنا - في أنه لا يوجب الملك للمتصدق عليه إلا بالقبض رحمه الله . لمالك
وفي الصدقة خلاف بين الصحابة ، ومن بعدهم رضي الله تعالى عنهم ، وكان علي رضي الله عنهما يقولان : إذا أعلمت الصدقة جازت ، وكان وابن مسعود ابن عباس رضي الله عنهم يقولان لا تجوز الصدقة إلا مقبوضة . وعن ومعاذ شريح - رحمهما الله تعالى - فيه روايتان ذكرهما في الكتاب ; فأخذنا بحديث وإبراهيم النخعي رضي الله عنهما ، وحملنا قول ابن عباس ، علي رضي الله عنهما على صدقة الرجل على ولده الصغير ، وذلك بالإعلام يتم ; لأنه يصير قابضا له ، والأصل فيه قوله : عليه الصلاة والسلام { وعبد الله بن مسعود آدم : مالي مالي ، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت ، وما سوى ذلك فهو مال الوارث } . فقد شرط النبي - عليه الصلاة والسلام - [ ص: 49 ] الإمضاء في الصدقة ، وذلك بالقبض يكون ، وقد بينا هذا في كتاب الوقف . يقول ابن