قال : ( وإن كان للمعوض أن يرجع في نصف العوض - اعتبارا للجزء بالكل - وإن استحق نصف الهبة فليس للواهب أن يرجع في شيء من الهبة إلا أن يشاء أن يرد ما بقي من العوض ، ويرجع في الهبة فيكون له ذلك ) ، وقال استحق نصف العوض : إذا استحق نصف العوض فله أن يرجع في نصف الهبة - اعتبارا للجزء بالكل ، واعتبارا للعوض بالهبة - فإنه لو استحق نصف الهبة كان له أن يرجع في نصف العوض ، فكذلك إذا استحق نصف العوض ; وهذا لأن كل واحد منهما يصير مقابلا بالآخر في حكم سلامته لصاحبه فهو كبيع العوض بالعوض إذا استحق نصف أحدهما يكون للمستحق عليه أن يرجع على صاحبه بنصف ما يقابله . وجه قولنا : أن المستحق يخرج من أن يكون عوضا فيصير كأن لم يكن ، ولو كان عوضه في الابتداء نصف العبد لم يرجع في شيء من الهبة فكذلك هنا ; وهذا لأن ما بقي يصلح أن يكون عوضا عن الكل ، وإنما يتمكن الخلل في رضاء الواهب فكان تأثيره في إثبات الخيار له ، فإن شاء رد ما بقي ليدفع الضرر به عن نفسه ، وإن شاء أمسك ما بقي ، ولم يرجع بشيء . زفر
( فإن قيل ) : في الابتداء يجعل تمليك النصف عوضا له عن جميع الهبة ، فأما في الاستحقاق فهو قد يجعل تمليك الكل عوضا عن جميع الهبة فيكون ذلك تنصيصا منه على أن النصف عوض نصف الهبة ، فلا يجوز أن يجعل بالاستحقاق النصف عوضا عن الجميع ، ( قلنا ) : هذا مستقيم في المبادلات ; لأن البعض ينقسم على البعض لتحقق المقابلة ، وهذا ليس بمبادلة على سبيل المقابلة ، فلا يثبت هذا التقسيم في حقه ، ولكن كل جزء من آخر العوض يكون عوضا عن جميع الهبة ، فلا يكون له أن يرجع في شيء من الهبة مع سلامة جزء العوض له ، ثم الفرق بين استحقاق نصف العوض ، ونصف الهبة بهذا الحرف ، وهو أن المعوض ملك العوض إلا جزءا فيعتبر حكم المقابلة في حقه فإذا استحق نصف الهبة من يده رجع بنصف العوض فأما الواهب [ ص: 78 ] فقد ملك الهبة ابتداء من غير أن يقابله شيء ثم تأثير العوض في إسقاط حقه في الرجوع ، والجزء من العوض في ذلك بمنزلة الكل إذا تم رضاه به ، والحاصل أن للعوض شبهين شبه ابتداء الهبة من حيث إن العوض مختار فيه متبرع ، وشبه المبادلة له من حيث إنه ملكه مضافا إلى الهبة فتوفر حظه عليهما فنقول لشبهه بالمبادلات إذا استحق الكل رجع في الهبة ، ولشبهه بابتداء الهبة إذا استحق النصف لا يرجع في شيء من الهبة إلا أن يرد ما بقي .