قال : فللواهب أن يرجع فيه ما لم يقبضه المتصدق عليه ; لأنه التزم فيه الصدقة بنذره ، فلا يكون ذلك أقوى من وجوب الصدقة عليه فيه بإيجاب الله تعالى ، وهو الزكاة ; وذلك لا يمنعه من الرجوع ; وهذا لأن قبض المتصدق عليه لا يتم معنى العبادة والتقرب فيه ، ( وكذلك ) لو : رجل وهب لرجل درهما ، فقبضه الموهوب له وجعله صدقة لله تعالى : فللواهب أن يرجع فيها قبل أن ينحرها الموهوب له . وفرق وهب له ناقة ، فجعلها الموهوب له بدنة ، وقلدها بين هذا والأول فقال : بالتقليد رأيتم ، جعلها لله - تعالى - ألا ترى أنه لو قلدها عن هدي واجب ، فهلكت قبل أن ينحرها : فإنه عليه أخرى - بخلاف ما بعد النحر - وإن أبو يوسف : فله أن يرجع فيها ; لأن هذا نقصان في العين - وإن كان يزيد في المالية ، فذلك بزيادة رغائب الناس فيه لا لمعنى في العين - فلهذا كان [ ص: 101 ] له أن يرجع فيها . ( وكذلك ) لو وهب له أجزاعا ، فكسرها ، وجعلها حطبا : فهذا نقصان ، فإن أعاده لبنا لم يرجع فيها ; لأن هذا اللبن حادث بفعله ، أو ضرب اللبن من الطين زيادة في عينه ، فإذا كان حادثا في يد الموهوب له ; منع ذلك الواهب من الرجوع ، وإن وهب له لبنها ، فجعله طينا : لم يرجع فيه ; لأن مالية الخل غير مالية النجيح ، وهذه مالية حدثت بصنعة حادثة في العين في يد الموهوب له . وإن وهب له نجيحا فجعله خلا : لم يكن له أن يرجع فيه ; لأن السكين غير السيف . وهب له سيفا فجعله سكاكين ، أو سكينا
( وكذلك ) إن كسره ، فجعل منه سيفا آخر ; لأن هذا الثاني حادث بعلمه ; ألا ترى أن الغاصب لو فعل ذلك كان ضامنا قيمة السيف المغصوب منه ويجعل ما ضربه له . قال : وإن وهب له دارا ، فبناها على غير ذلك البناء ، وترك بعضها على حالها : لم يكن له أن يرجع في شيء منها ; لأن ما زاد في البناء في جانب منها يكون زيادة في جميعها ، كما في الأرض إذا بنى في ناحية منها .