قال : فإن كان العوض مثل ثلثي قيمة العبد ، أو أكثر ; فالهبة ماضية ، لأن العوض المقبوض بمنزلة المشروط ، أو أقوى ، والثلث منه كان من خالص حقه ، والثلثان حق الورثة ، فإذا كان العوض مثل ثلثي قيمة العبد ، عرفنا أنه لم يبطل شيئا من حق الورثة ، بتصرفه ، وإنما تصرف فيما هو خالص حقه ، فكانت الهبة ماضية ، وإن كانت قيمته قيمة العوض نصف قيمة الهبة ، يرجع ورثة الواهب في سدس الهبة ; لأن حقهم في ثلثي العبد ، وقد وصل إليهم من العوض بقدر مالية نصف العبد ، فإنما تبقى لإتمام حقهم سدس العبد ; فلهذا يرجع الوارث بسدس الهبة ، وإن كان العوض شرطا في أصل الهبة ، فإن شاء الموهوب له رد الهبة كلها وأخذ العوض ، وإن شاء رد سدس الهبة وأمسك الباقي ; لأنه ما رضي بسقوط حقه عن عوضه إلا بأن يسلم له جميع الموهوب ، ولم يسلم ; ولأن التبعيض في الملك المجتمع عيب ، فاستحقاق جزء من العبد - وإن قل - بتعيب ما بقي منه ، وحق الرد بالعيب ثابت بعد التقابض إذا كان العوض مشروطا ; لأن الهبة بشرط العوض تصير بيعا بالقياس ; فلهذا ثبت له الخيار [ ص: 102 ] في رد ما بقي ، فإذا لم يكن العوض مشروطا فإنه لا يصير معاوضة بالتقابض في حكم الرد بالعيب ، فيرد سدس الهبة ، ولا يكون له أن يسترد العوض ; لأن ملكه على سبيل الهبة ، وقد مات الموهوب له ، فلا رجوع له فيه بعد ذلك ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم . : مريض وهب لصحيح عبدا يساوي ألفا ، ولا مال له غيره ، فعوضه الصحيح منه عوضا ، وقبضه المريض ، ثم مات ، والعوض عنده