الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( ولبن آدمي إلا الميت )

                                                                                                                            ش : قال في كتاب الصلاة الأول من المدونة ولا يحل اللبن في ضروع الميتة قال ابن ناجي ما ذكره متفق عليه ; لأنه ينجس بالوعاء إلا أن يكون لبن ميتة آدمي ففيه خلاف لقولها في كتاب الرضاع بالتنجيس ، وقيل : إنه طاهر انتهى . وتقدم في كلام ابن عبد السلام في ما يخرج من ميتة الآدمي من لعاب ومخاط ودمع ، وإن حكمه ينبني على الخلاف في طهارته وسيأتي الكلام فيما يبان من الأعضاء عند قول المصنف : " وما أبين من حي وميت " .

                                                                                                                            ص [ ص: 94 ] ولبن غيره تابع )

                                                                                                                            ش : فهو طاهر من المباح ونجس من المحرم ومكروه من المكروه وكراهته لا تخرجه عن كونه طاهرا كما نبه على ذلك ابن عبد السلام في الكلام على معنى المباح والمكروه .

                                                                                                                            ص ( وبول وعذرة من مباح )

                                                                                                                            ش : كذا قال ابن الحاجب وغيره قال ابن فرحون ظاهره لا يغسل لا وجوبا ولا استحبابا ، أما وجوبا فنعم ، وأما استحبابا فقد روي عن مالك أنه قال : غسله أحب إلي ، نقل ذلك الشيخ تقي الدين انتهى بالمعنى . والاستحباب ظاهر ولو لم يكن إلا للخروج من الخلاف والله أعلم . ولا بد من تقييد ذلك بما إذا خرج في حال الحياة كما صرح به في اللباب وهو ظاهر .

                                                                                                                            ص ( إلا المتغذي بنجس )

                                                                                                                            ش : يريد ولو بشرب ماء نجس .

                                                                                                                            ( تنبيه ) قال البساطي استثنى المتغذي بنجس فإنه نجس وله ثلاث حالات : الأولى : أن يكون محبوسا لا يصل للنجاسة فهو كغيره . والثانية : إن شوهد استعماله لها فبوله وعذرته نجسان . الثالثة : أن ينفى عنه كل منهما فيحمل على النجاسة تغليبا .

                                                                                                                            ( قلت ) ما ذكره في الحالة الثالثة غير ظاهر ومخالف لما قاله مالك في رسم مرض من سماع ابن القاسم من كتاب الطهارة في الحمام يصيب أرواث الدواب أحب إلي أن لو أعاد في الوقت من صلى بخربتها قال ابن رشد إنما ذلك إذا علم من حالها أنها تأكل أرواث الدواب ولم يتحقق أنها أكلتها ولو تحقق لقال إنه يعيد في الوقت على كل حال ; لأن ذرق ما يأكل النجس عنده نجس انتهى . ويريد إذا صلى به غير عامد ، وأما العامد فيعيد أبدا ثم قال في الرسم الذي بعده وسئل مالك عن خرء الحمام يصيب الثوب قال هو عندي خفيف وغسله أحب إلي يعني ابن رشد هذا إذا لم يعلم أنها أكلت نجاسة على ما تقدم في الرسم الذي قبله انتهى .

                                                                                                                            وسئل ابن رشد عن ذرق الخطاف الذي عيشه الذباب على قول مالك إنه لا تؤكل الجراد وشبهها إلا بذكاة ، فأجاب ذرق الطير طاهر على قول مالك الذي يرى الفضلتين تابعتين للحوم وقال في رسم مرض من سماع ابن القاسم في رواية أصبغ إن ذرق البازي نجس ، وإن أكل ذكي إن ذلك على الرواية التي منع من أكل ذي مخلب من السباع والله أعلم . فعلم من هذا أن الحيوان إذا كان من شأنه أن يأكل النجاسة ولم يتحقق أكله لها فأمره خفيف يستحب غسل روثه وهو خلاف ما دل عليه كلام البساطي والله أعلم .

                                                                                                                            ( فرع ) إذا ذبح الحيوان الذي يتغذى بالنجاسة فإنه يغسل موضع الغذاء منه ككرشه وأمعائه قال ابن يونس في كتاب الصيد لما تكلم على الحوت يوجد في بطن الطير الميت ، وهذا إذا ذبح بحدثان استعماله للنجاسة كما يفهم ذلك من كلام ابن يونس .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية