الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( ولو قصدا وبطل الثاني ) .

                                                                                                                            ش قال سند : إذا تيمم لفرضين فهل يصح به الأول ، أو لا يصح بتيممه أصلا ؟ الظاهر أنه لا يبطل ; لأنه أتى بالنية المشترطة ونية أخرى فهو كمن توضأ بنية الحدث ونية الجنابة .

                                                                                                                            ص ( لا بتيمم لمستحب )

                                                                                                                            ش : كذا في النسخ بدخول لام الجر على مستحب وحق العبارة خروجها وأن يقول لا بتيمم مستحب ; لأن النافلة مستحبة وقراءة القرآن ، ولو تيمم لشيء من ذلك جاز له أن يتنفل به كما تقدم ، وإنما المراد إذا كان التيمم نفسه مستحبا كالتيمم للنوم .

                                                                                                                            ص ( ولزم موالاته ) . ش يحتمل معنيين أحدهما أن يريد موالاة أفعال التيمم وعلى هذا حمله الشارح في شروحه الثلاثة وقال ابن شاس وابن الحاجب وابن عرفة وغيرهم والترتيب : والموالاة كالوضوء قال في التوضيح أي : على المشهور فيهما على أنه يمكن إجراء الأقوال المتقدمة في الترتيب هنا ، وأما الموالاة فلا يمكن إجراء كل تلك الأقوال إذ لا يتأتى قول بالفرق بين الممسوح والمغسول خليل ويمكن أن يقال : بالبطلان إذا فرق التيمم ناسيا من جهة اشتراط اتصاله بالصلاة لا من جهة الموالاة فتأمله ، انتهى .

                                                                                                                            وما قاله ظاهر صرح به سند قال في شرح قوله في المدونة قال ابن القاسم فيمن فرق تيممه وطال ذلك ابتدأ التيمم وإن قرب أجزاه وهو عندي مثل الوضوء من نسي بعض تيممه حتى طال أعاد التيمم ; لأنه لا يجوز أن يتقدم على الصلاة بأمر يطول ، وإنما يكون متصلا بها ، انتهى .

                                                                                                                            ولهذا جزم في المختصر بلزوم الموالاة فيه ولم يشبهه بالوضوء كما فعل بالغسل ، المعنى الثاني أن يريد موالاته مع ما فعل له وعلى هذا حمل البساطي قال : وإنما حملناه على هذا لاستلزامه الموالاة بين أفعاله بخلاف العكس ، انتهى .

                                                                                                                            ولا إشكال [ ص: 343 ] في اشتراط اتصال التيمم بما فعل له فرضا كان أو نفلا كما تقدم في كلام التوضيح هنا وصرح بذلك غير واحد قال في الطراز : إذا ثبت جواز التنفل بالتيمم فذلك بشرط الاتصال به ، وإن تنفل بعد فرضه فيكون ذلك متصلا بالفريضة ، وإن تيمم ليتنفل شرع في تنفله عقيب تيممه قال في العتبية : من تيمم لنافلة في غير وقت الفريضة ثم تأخر تنفله فلا يتنفل بذلك ، وكذلك على هذا لا يجزئه أن يتيمم أول وقت الفريضة ويؤخر فعلها إلى آخره خلافا للشافعي وسنبين الأصل فيه ، انتهى .

                                                                                                                            وقال في الجلاب : ولا يتيمم لصلاة قبل وقتها ، ولا في أول وقتها ويؤخر فعلها ، ومن شرط التيمم أن يكون متصلا بالصلاة قال التلمساني : وخالف ابن شعبان في المسألتين فأجازه قبل الوقت وبعده ، وإن تراخى عن الصلاة ، انتهى .

                                                                                                                            وفي العمدة لابن عسكر مختصر المعونة وله شرطان ، طلب الماء واتصاله بالصلاة فلا يجزئ قبل دخول الوقت ، ولا بعده متراخية عنه ، انتهى .

                                                                                                                            وصرح بذلك ابن رشد في المقدمات ويأتي لفظه عند قول المصنف ونية استباحة الصلاة وابن بشير في كتاب التحرير والشبيبي وغير واحد من المتأخرين وقال سند في شرح المدونة : من تيمم للفريضة فصلى نافلة قبلها أنه يعيد التيمم وجهه أن التيمم لا يرفع الحدث ، وإنما تستباح به الصلاة عند الحاجة إلى فعلها فمتى وقع في حالة يستغنى عنه فيها لم يصح فالذي يتيمم للظهر ثم شرع في غيرها قد تيمم لها في وقت وهو مستغن عن التيمم لها فيه إذ الحاجة لها إنما تكون عند الشروع في فعلها ، انتهى .

                                                                                                                            باختصار ونحوه لابن يونس وكذا ما تقدم عن ابن رشد وما تقدم في التوضيح عن سماع ابن أبي زيد فيمن تيمم لنافلة ثم خرج من المسجد لحاجة ثم عاد لا يتنفل به ولا يمس مصحفا ووجهه ابن رشد بنحو ما تقدم ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( فرع ) قال البرزلي في مسائل الصلاة : وسئل السيوري عمن تيمم ثم دخل في الفريضة ثم حصل له شك في الإحرام فقطع هل يعيد التيمم ؟ فأجاب أنه لا يلزمه إعادة التيمم قال البرزلي : يريد إذا لم يطل ، فإن طال فإنه يبطل تيممه ، انتهى .

                                                                                                                            ( تنبيه ) وعلم من هذا أن التيمم لا يضره أن يكون قبل الإقامة ، والله تعالى أعلم . بل ذلك هو المطلوب فإن إقامة المحدث مكروهة كما سيأتي في باب الأذان وكلام ابن عبد السلام في ذلك المحل كالصريح في ذلك وسيأتي في محله إن شاء الله تعالى فتأمله ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                                            ( فائدة ) قال ابن عبد السلام : هنا قاعدة ابن الحاجب أنه إذا تقدم له الكلام على مسألة ثم شبه بها أخرى فإنما الشبه بينهما في المشهور ، ولا يلزم أن يكون كل ما في المشبه من الخلاف في المشبه ، وقد ظن ذلك بعض المتأخرين فألزم ابن الحاجب أمرا شنيعا في كتاب الصلاة يشير إلى الشيخ تقي الدين حيث اعترض عليه في تشبيهه الرفع من السجود بالرفع من الركوع مع أن الأول مجمع عليه والثاني مختلف فيه ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية